| |
شيء من الملك القائد محمد بن عبداللطيف آل الشيخ
|
|
نظام هيئة البيعة الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين مؤخراً، والذي لقي من الأصداء الشعبية السعودية كل الترحيب والارتياح على مختلف المستويات، يشير بكل قوة إلى الديدن والأسلوب الذي يتعامل به خادم الحرمين الشريفين وهو في بدايات عهده، مع استحقاقات الإصلاح والمواكبة والتغيير. فالمواطن يشعر بالفعل أن هذا القائد قريب إلى قلبه، ملتصق بهمومه، يتلمَّس بكل إخلاص آماله وطموحاته، فيتعامل مع هذه الآمال تعامل الوالد الحاني على أبنائه، المشفق عليهم، وعلى مستقبلهم.. ونظام البيعة كان بمثابة البرهان على ما أقول. وأنا هنا لن أتحدث عن نظام البيعة، فقد أشبع تحليلاً، ونال من الترحيب والثناء والحفاوة ما لم ينله في تقديري أي نظام آخر صدر طوال التاريخ السعودي الحديث. ولكنني سأتحدث عن هاجس (الإصلاح) الذي هو على ما يبدو الهاجس الأول، والهم الأكبر، المسيطر على ذهنية هذا الملك الإنسان، إضافة إلى رغبته العارمة في (التوفيق) والتوافق - ما استطاع - بين أبناء البلد الواحد، على مختلف أطيافهم، سواء المناطقية، أو الطائفية، أو الثقافية، فالجميع لديه أبناء بلد واحد، متساوون في الحقوق والواجبات، لا فرق لأحد على أحد، ولا لمنطقة على أخرى. وقبل أن يعلن الأب المؤسس الملك عبدالعزيز المملكة العربية السعودية (كوطن) لجميع مواطنيه قبل ما يقارب السبعة عقود، كان (الانتماء والولاء) عند أهل هذه البلاد إمَّا للمنطقة، أو للبلدة، أو هو للطائفة، أو للقبيلة، أو للأسرة، وكان أهم ما ترتب على إعلان هذه الدولة أن ألغت الانتماء المناطقي، والقبلي، أو الطائفي، وأصبح الجميع ينتمون - لأول مرة في تاريخهم - إلى (وطن) واحد موحد، وعلم واحد، مظلة جديدة، يستظلون بظلها، ونظام يحتكمون إليه، وسلطة تدير شؤونهم، وملك هو منهم ولهم، ويمثلهم جميعا، على مختلف مناطقهم وطوائفهم وأعراقهم ومشاربهم وتشكيلاتهم القبلية. فحلّ (الولاء) للوطن محل الولاءات والانتماءات التقليدية؛ فأصبحنا في المواطنة سواء، لا فرق لأحد على أحد، ولا لمنطقة على أخرى. ولا لمذهب دون مذهب. بهذه العقلية المتفتحة والمسؤولة والمتحضرة تجوّل - حفظه الله - في أنحاء البلاد، ومناطقها؛ وكانت كلماته أينما حل وارتحل تبوح بهذه المعاني الوطنية، وتتكامل مع ما بذره والده عبدالعزيز، وتنطلق منها، وتتواكب معها، وترسخ مفاهيم الوحدة، التي تقوم (فلسفتها) على أن كل شبر من هذه البلاد هو لديه، وفي مفاهيمه، جزء من جسد واحد، وتكوين أصغر من تكوين أكبر. وقد تعودت الشعوب الناطقة بالعربية من قادتها على المكابرة والمغالطة، والإصرار على أن القادة (كائنات) إنسانية منزهة عن الخطأ. غير أن الملك عبدالله كسر (بشجاعة) هذا التقليد المثير للاستفزاز بصراحة، والذي تعوده بني يعرب من قادتهم في السابق، عندما قال في كلمته لأهل جيزان:(لقد تأخرت مسيرة التنمية في جازان لظروف لم يكن لأحد يد فيها، إلا أن دولتكم عقدت العزم على إنهاء هذا الوضع باختزال المراحل ومسابقة الزمن وإعطاء جازان عناية خاصة)!. وهو (باعترافه) الشجاع هذا، يكرس أسلوبا جديداً، أسلوباً كنا نسمعه من قادة الغرب عندما يعترفون بأخطائهم، ويحملون أنفسهم وأنظمتهم المسؤولية، غير أن تسمعه من زعيم عربي، فهو أسلوب جديد، أملنا أن يحتذي ويقتدي به (آخرون) من قادة المنطقة؛ فقد مللنا - أيها السادة - من (خرافة) الزعيم الملهم، والنظام الذي لا يخطئ، وبالتالي لا يمكن أن يكون (للاعتذار) وتحمل المسؤولية أية وجود في قواميسه. وغني عن القول إن اعتذاره - حفظه الله - قد مكَّن له في قلوب مليون ونصف المليون من أهل هذا الجزء العزيز على قلوبنا جميعاً، وجعل شعبيته تفيض بها قلوب أهل هذه المنطقة، وكذلك كل المناطق التي زارها خلال جولاته الأخيرة. ونستطيع القول - ونحن نرى هذه البشائر تتوالى الواحدة تلو الأخرى-: إن السنة الأولى من عهد الملك عبدالله، كانت بحق سنة إصلاح وتغيير وتطوير ومثابرة وعمل لا يهدأ، وإذا كان (نظام هيئة البيعة) قد توج السنة الأولى من عهده الميمون، فأثلج الصدور، وطمأن على مستقبل الاستقرار في هذه البلاد، فالقادم - كما تقول كل المؤشرات - يبشر بالخير الكثير، ليحوز - حفظه الله - عن تمكن وجدارة على لقب (رجل الإصلاح الأول) في بلادنا، الذي أعرف تماما أنه اللقب الأثير على قلبه، والحريص على أن تكون منجزاته تتواكب مع رغبته العارمة في الإصلاح والصلاح والتطوير والتغيير والمواكبة. لا عدمناك، وأبقاك لمحبيك، أيها القائد الفذ.
|
|
|
| |
|