من شواهد الاهتمام بالقرآن ورعاية أهله
الأمير الدكتور خالد بن فيصلبن تركي آل سعود(*)

الحمد لله الذي أنزل الكتاب وجعله هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان والصلاة والسلام على النبي الأمي القائل: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي).
فإن من نعم الله جل وعلا على هذه الأمة إذ بعث فيها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأعظم دين وأكمل شريعة، وأقوم منهاج، وأنزل هذا القرآن الكريم المعجز بلفظه ونظمه، وحفظه من التبديل والتحريف قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وجعله نبراساً لهذه الأمة يضيء لها الطريق وتهتدي به من ظلمات الجهل والفساد، والتقم به خير أمة أخرجت للناس، وبهذا القرآن الكريم تنتظم حياة الناس كلها ولا يقتصر على جوانب منها دون أخرى قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} ولذلك كان حقاً علينا نحن معاشر المسلمين أن نتدبر في آيات القرآن الكريم وكلماته وجمله وسوره وفواصله وفواتحه وخواتمه ومناسباته حتى نحقق معنى التدبر والتفكر فيما ورد في القرآن الكريم وبالتالي ننال الحياة الكريمة في الدنيا، والسعادة الأبدية في الآخرة فهو العروة الوثقى لا انفصام لها فمن استمسك بها فاز وأفلح ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً.
وإن هذه البلاد الطيبة المباركة في ضل حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين ومنذ تأسيسها على يد موحدها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وشعبها المسلم الأبي جعلوا هذا القرآن الكريم لهم منهجاً ونبراساً للحياة، وارتضوه بينهم حكماً، وتنافسوا في خدمته ونشره وتعليمه وهو الذي من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
إن لخدمة القرآن الكريم فضل عظيم، وخير عميم، وقربى يتقرب بها العبد إلى ربه: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ولقد أولت حكومتنا الرشيدة حفظها الله، كل الدعم لكل ما من شأنه خدمة هذا القرآن الكريم، ونشره وتتضح معالم ذلك حيث جعلته دستورها ومصدر تشريعها هو السنة الصحيحة للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث نص النظام الأساسي للحكم على ذلك، كما جعلت القرآن الكريم مادة دراسية في التعليم العام والتعليم العالي على السواء، وإنشاء الكليات والمعاهد المتخصصة في تدريس القرآن وعلومه، ودعم الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم والمنتشرة في أنحاء المملكة.
كما تم إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة الذي يقوم بطباعة القرآن الكريم بنسخ متعددة ومتنوعة وتسجيله بأصوات أشهر القراء بالرويات المتواترة والتي يقرأ بها المسلمون وتوزيعه مجاناً على المسلمين في داخل المملكة وخارجها.
وأقامت له المسابقات المحلية والدولية والتي تعني بتلاوته وحفظه وتجويده وتفسيره وقدمت الدعم اللازم والجوائز القيمة للمتسابقين.
ومن ذلك مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم والتي تقام في رحاب مكة المكرمة سنوياً والتي تستقطب حفظته من أبناء الأمة الإسلامية.
وكذلك مسابقة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله - لأبنائه منسوبي الحرس الوطني والتي يجني ثمارها منسوبو الحرس الوطني كل هذا يدل على اهتمام الدولة بالقرآن الكريم وأهله.
إن هذه الخدمات والجهود شاهد على ما تقوم به الدولة حفظها الله وسدد خطاها في مجال نشر كتاب الله الكريم بين الناس والتشجيع على حفظه والتنافس في تعلمه وتعليمه، وتنشئة الأجيال على مائدته، فإن التربية الكاملة والحقيقية هي تربية القرآن الكريم الهادفة إلى تربية الأفراد على المبادئ والمثل التي اشتمل عليها هذا الكتاب الكريم، والتي تركز على ركائز العقيدة الإسلامية الصحيحة وأسسها السليمة وبالتالي تنشأ الأجيال على الخير والهدى والصلاح والتقى والمحافظة على سلامة المجتمع من الحيد والزيغ عن الطريق الذي رضيه الله وبلغه رسوله الأمين إلى الناس أجمعين. والله الهادي إلى سواء السبيل.