| |
وإنا على فراقك يا عم لمحزونون إبراهيم بن عبدالله بن عبدالرحمن المديهش
|
|
فقدت العائلة شيخا وقورا، وعما محبوبا، يملأ العين سكونا وهدوءا، ويجبر القلب على محبته من غير اختيار. أخلاقه العطرة، سماحته، نشأته من غير صبوة، ملازمته لوالديه، وبره بهما، تعاونه مع إخوانه، جده في العمل، ملازمته لطاعة ربه.. هذا جزء مما حباه الله تعالى، من مكارم الأخلاق وجميل السجايا.. حقيقة.. من عرفه أحبه؛ لذا ساق الله إليه كثيرا من أحبابه، فكثر مشيعوه إلى المقبرة، وغص بيته بالمعزين، يشهدون له بالخير، ويدعون له؛ وهم شهداء الله في أرضه، وقد مُرّ بجنازة على النبي صلى الله عليه وسلم، فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وجبت وجبت وجبت)، ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شرا، فقال: (وجبت وجبت وجبت). فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما وجبت؟ قال: (هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض) أخرجه البخاري (1367) ومسلم (949) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وفي البخاري أيضا (1368) من حديث عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما مسلم شهد له أربعة بخير، أدخله الله الجنة) فقلنا: وثلاثة؟ قال: (وثلاثة). فقلنا: واثنان؟ قال: (واثنان). ثم لم نسأله عن الواحد. وهذا العم الصالح لم يفقده أبناؤه وأقاربه فحسب، بل فقده المساكين الذين كان يصلهم بما يشرح صدورهم، ويفرج عنهم، وفقده محبوه، وفقدته أروقة المسجد الحرام بعبادته وتلاوته. ومما يخفف المصاب أنه أقدم إلى خير - إن شاء الله - واستراح من نصب الدنيا وأذاها، فقد مُرّ بجنازة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مستريح ومستراح منه) قالوا: يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه؟ قال: (العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب) أخرجه البخاري (950) ومسلم (6512) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه. وإني أقول لأبنائه: لم يكن المرض الذي أصابه كفارة له فقط، بل كفارة لكم ولأقاربه أيضا؛ لأن الجميع مسه همّ وضيق، طيلة الأشهر التي كان يعاني فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حَزَن، حتى الهمّ يهمه؛ إلا كفر به من سيئاته) أخرجه مسلم (2573) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - وفيه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله به من سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها). وأخيرا أقول: في سيرته تميز، وفي أخلاقه تميز؛ أحسن الله عزاءنا في فقده، وألهم ذويه الصبر والاحتساب والسلوان. وجعل العمَّ العزيز: عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حمود المديهش في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله.
|
|
|
| |
|