معذرة للشاعر العظيم، إذ قمت باستعارة هذا البيت من قصيدته وجعلته عنواناً لمقالتي هذه..
حقاً جراح فلسطين تنزف وأرض فلسطين ارتوت من الدماء الزكية العطرة، وقد حل التنكيل والتمزيق والنهب والسلب والفتك والتشريد بأهلها.. فعلى ماذا يدل هذا؟؟ أخبروني بالله عليكم.. كل هذا الصمت يدل على ماذا؟
هل يدل على خذلان العرب والفلسطينيين؟ أم يدل على انتهاء مرحلة تاريخية للإسرائيليين الصهاينة المعروفين بالقتل والإجرام والإرهاب؟ كل هذا على ماذا يدل؟؟ حيث تعفى سلطة الاحتلال الغاشم من أية مسؤولية عن الوضع المعيشي المتدهور في فلسطيننا الغالية، إضافة إلى تصرفها الكامل في التوسع والقتل والنهب ونشر التوتر الداخلي بين أصحاب الحق الشرعي.
(بالله يا عرب) انظروا إلى العالم يتعاطف مع جندي إسرائيلي أسير ولا يتعاطف مع قضية حق مشروع في فلسطين!!
(بالله يا عرب) في فلسطين حصار اقتصادي وحصار سياسي جائر وقتل ونهب وتشريد وتدمير ومجازر.. وتخرج مظاهرة سلمية تنادي بالسلام وغالبيتها من النساء ثم تُغَرَّق بالرصاص وتسقط النساء على الأرصفة في مناظر دامية تدفع الدماء إلى العروق حمية لهن ولأعراضهن والمنظمات الخاصة بحقوق الإنسان لا تحرك ساكناً؟
(بالله يا عرب) أين تلك المنظمات؟ ومن يأخذ بحق هؤلاء النسوة أمام عربدة الآلة الصهيونية والأعمال الإجرامية التي قامت بها في طرقات (بيت حانون)؟ لماذا يضيع حق النساء الفلسطينيات؟ أسئلة كثيرة تدور في فكري تقلق مضجعي، تذبحني من الوريد إلى الوريد.
ونحن نعيش الذكرى المشؤومة لوعد بلفور اللعين!!!
(والله يا عرب) لقد مل الفلسطينيون من الشعارات والمؤتمرات والوعود والتنظيمات.
(والله يا عرب) لقد سئم الفلسطينيون من موقف العالم العربي المتفرج.. الذي ما زال يفكر ماذا يفعل؟؟
(أي بؤس هذا)؟؟
(والله يا عرب) لقد فاض بنا ونحن نرى ما يحصل لنساء بيت حانون الشهيدات.. (انظروا يا عرب) بعين الحق إلى حال هذا الشعب الذي يعاني منذ أكثر من ثمانية وخمسين عاماً، ويدافع بشراسة وحش غريب في أرضه عن عرضه ومقدساته وترابه الزكي.
(انظروا يا عرب) إلى هذا الشعب الأبي الذي لم يتوان يوماً عن حمل السلاح ولم يخف يوماً من الصهاينة الأنذال سواء كان امرأة أو طفلاً أو شبلاً أو شاباً أو عجوزاً كهلاً؟ فكلهم مشروعات شهادة فداء للأرض والعرض والمقدسات وشعارهم:
كل شبل كل زهرة
في صفوف الشعب زهرة
(انظروا يا عرب) ماذا يجري في فلسطين..؟ أعيادهم دمار، صيامهم دعاء واصطبار، إفطارهم صواريخ وقذائف وضرب وتدمير، زواجهم صمود، ولادة نسائهم صمود أكبر ليزداد عددهم للدفاع عن الوطن السليب.
(انظروا يا عرب) الطفل الفلسطيني يسير دفاعاً عن وطنه فاتحاً صدره في العراء يقول للصهيوني: (اقتلني)، فأنا لا أهاب دباباتك وقذائفك وصواريخك.. فيزداد الصهيوني حقداً وغيظاً وكرهاً له. فينهال عليه بقذيفة، أو قنبلة أو رصاصة من قناص جائر.
(انظروا يا عرب) إن هناك مشروعات إبادة للشعب الفلسطيني فهل ما زلتم ساهين، منتظرين، مكتوفي الأيدي واقفين.
صحيح أنه نوقش في المؤتمر الطارئ لمجلس الجامعة العربية موضوع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، حيث يطالب المؤتمرُ الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في المذابح التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومطالبة اللجنة الدولية المعنية بحقوق الإنسان بإرسال وفد للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبها الصهاينة الأنذال في بيت حانون، ورفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، (ولكن) هل تكفي إدانة إسرائيل استخدامها للأسلحة المحرمة دولياً ضد الفلسطينيين؟ هل تكفي إدانتها بتدمير المرافق الحيوية؟ هل يكفي إرسال قوة مراقبة دولية؟ هل يكفي دعوة سويسرا على تفعيل اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م الخاصة بحماية المدنيين في وقت النزاع، وتحض أمريكا على القيام بدور فعال لمتابعة الوضع في فلسطين والاضطلاع بدورها في عملية السلام، ويحض الدول العربية على الوفاء بالتزاماتها المقررة في القمم العربية السابقة لدعم صمود الشعب الفلسطيني.
(فإلى متى) نجتمع للبحث في السبل الكفيلة بمواجهة العدوان الإسرائيلي المتزايد والمتكرر على الشعب الفلسطيني؟
(وإلى متى) ننادي بضرورة تحمل الدول العربية مسؤولياتها تجاه ما يجري في فلسطين.. ونشجب وندين فقط؟!
(وإلى متى) سنبقى من دون تحرك عربي جدي في كل المحافل للبحث عن حلول عملية للقضية الفلسطينية؟
(وإلى متى) تتصرف إسرائيل وكأنها خارج نطاق المجموعة الدولية؟
(وإلى متى) لا يستطيع أحد أن يحاسبها على كل ما تقوم به من أعمال همجية ومشينة في حق فلسطين وشعبها؟
(وإلى متى) يستمر تجاهل الرغبة العربية في حل النزاع العربي الإسرائيلي بالطرق السلمية؟
(وإلى متى) وأمريكا تدعم طرفاً على حساب آخر رغم أن المعادلة يجب أن تكون موزونة في المنطقة؟ فالطرف العربي يدعو للسلام والتعايش والصهاينة يريدون إبادة الشعب الفلسطيني.
(نحن) نريد أفعالاً، لا أقوالاً.. لأننا نعيش أسوأ مراحل البطش الإسرائيلي الصهيوني.. نحن لا نريد إصدار بيانات التنديد والاستنكار فقط.
(نحن أمة عربية كبيرة) لها وزنها وكرامتها ولها قدرة كبيرة على التأثير وعلى نصرة الشعب الفلسطيني ونصرة المقدسات، فلِمَ نقف مكتوفي الأيدي عاجزين؟!
لماذا (نحن) نلتزم بكل القرارات الدولية وإسرائيل (لا تلتزم)؟!
لماذا (نحن) تحديداً نحترم الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل (لا)؟!
لماذا (نحن) لا نقتل نساءهم وأطفالهم وشيوخهم وإسرائيل (لا)؟؟
إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية والهم الحاضر أمام النظام العربي، فمتى تتحرك الأمة؟! ونحن نرى المجازر يوماً بعد يوم تزداد.. لماذا ينادوننا بضبط النفس بعد كل مجزرة وقصف، بعد كل تدمير وحرق، بعد قتل نسائنا وأطفالنا وشيوخنا وشبابنا، بعد هدم بيوتنا واستباحة أعراضنا، بعد صراخ أطفالنا ونسائنا؟ ومن ثم يدعوننا إلى ضبط النفس ثانياً وثالثاً ورابعاً وخامساً وعاشراً.
لماذا إسرائيل وأمريكا تعبران عن الأسف.. وليس على الاعتذار؟
لماذا.. كل هذا...؟ من يعيد الشهداء الـ 300 في بيت حانون.. وغيرهم وغيرهم..؟ أليس من المعيب حقاً أن يتحد العالم ضد الأمراض والفقر، ولا يتحد لمحاربة الاحتلال وحقوق الإنسان؟ أليس من المعيب حقاً أن تعطي إسرائيل الضوء الأخضر في القتل والهتك والدمار وسلب الحقوق وتشجب الفلسطينيون إذا دافعوا عن حقهم وأرضهم وعرضهم ومقدساتهم؟
وبعد
ألا ترون معي أن هذه المجزرة تضاف إلى السجل الإجرامي للكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، وبحق الأمة العربية من المحيط إلى الخليج؟ ألا ترون معي فشل مجلس الأمن في تبني وضع أي قرار حول محاولة لاستعادة السلام في المنطقة؟ خصوصاً بعد (نقد الفيتو) في المؤتمر.ولكن أقول للعالم أجمع وبكل فخر واعتزاز: (كوني فلسطينية) لم تنتصر عملية غيوم الخريف البغيضة، لأنها كشفت أن إسرائيل لم تتعلم من أخطائها، وأنها صعدت من شعور التوحد والتجمع والالتفاف لدى الفصائل الفلسطينية ليكون الجميع صفاً واحداً، هذا العدوان السافر لم يكن مفاجأة لأحد، ولكنه كشف عن سيطرة الفكر المتطرف بقدوم ليبرمان إلى الحكومة، وتحكمه في الأجندة الإسرائيلية وهي بذلك تتعلم من أخطائها في الماضي.
لحظة صدق
وأردد مع الشاعر: