| |
أطفالنا الموهوبون وطريقة اكتشافهم مشبب بن أحمد بن سعد آل مشهور / الرياض
|
|
يجمع علماء النفس والتربية والاجتماع على أن تراكم الجرعات المعرفية التي يتعرض لها الأطفال من مختلف العلاقات والجهات التي يكتسبونها تدريجياً تبعاً لمراحل نموهم تشكّل ما يعرف بالتكوين الثقافي لديهم، شأنها في ذلك شأن عملية الرضاعة وتوفير الغذاء اللازم لتكوين مقومات النمو لأجسامهم وقدراتهم المختلفة. وتلعب الثقافة دوراً رئيساً عبر مراحل الطفولة المختلفة؛ لأنها الأساس الذي ترتقي عليه أنماط سلوك الأطفال ومعالم شخصياتهم وميولهم المستقبلية، وكلما اتسعت رقعة الاحتكاك بالمؤثرات الثقافية عندهم وتعدّدت أشكالها وأنواعها توسعت معها مداركهم وقدراتهم؛ مما يساهم في ترسيخ مجموعة المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية في نفوسهم ويغرس فيهم جذور الهوية والانتماء إلى الأرض والتاريخ. وتتعدّد مصادر الثقافة ومنابعها؛ حيث تبدأ بالعلاقات العائلية المحدودة، ثم تأخذ بالانفراج على مدى سنوات الطفولة لتجمع كل تفاصيل ودقائق المشاهدات والمتلقيات في المدرسة وفي المجتمع وما تقدمه إذاعاتنا وشاشاتنا ومسارحنا العربية من أعمال وبرامج ومسلسلات. والمؤسسات التعليمية بمجملها منهوكة في تكديس المعارف والمعلومات في أذهان الطلبة دون أي مراعاة للجوانب الثقافية الإبداعية الأخرى، فيما لو أعطت هذه المؤسسات بعضاً من اهتمامها لما يعرف بالأنشطة المدرسية الحرّة أو غير المنهجية المتمثلة في المكتبة أو الإذاعة أو الصحافة أو الأندية العلمية المدرسية أو المسرح المدرسي، وتخصيص ميزانيات لتشجيع المشتركين والبارزين فيها، فكل هذه الأنشطة كفيلة بأن تكسب الطلاب مهارات كثيرة وتكشف مبكراً عن مواهبهم وميولهم وقدراتهم وتعمّق في نفوسهم أصول البحث والتعاون والعمل الجماعي المشترك والتنافس الراقي الشريف. إن الجهة التي عليها أن تساهم في هذا الأمر أيضاً هي مؤسساتنا التربوية بمدرساتنا ومدرسينا، وهم مَن بيدهم هذه العقول والنفوس وأكثرنا قرباً ومعايشة لعالم الطفولة ومزاياه ومشكلاته، فلا يغفلون عن هذا الجانب المهم في خضم مسؤولياتهم التعليمية، فهناك الكثير مما يمكن أن يفعلوه خارج نطاق المقررات والكتب المدرسية، كما أنهم أولى برصد أحدث المؤلفات والمنتجات الثقافية للأطفال؛ ليكونوا المرشد والدليل الناصح لهم، وذلك بحثّهم على متابعة الصالح منها وإبعادهم عن الرديء والفاسد.
|
|
|
| |
|