الموت حق.. والناس يموتون.. وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
مات الأمير الإنسان.. سعد بن خالد بن محمد بن عبدالرحمن عليه من الله شآبيب رحمته ورضوانه، يوم 18-9-1427هـ في أمريكا ونقل جثمانه الطاهر إلى مدينة الرياض، وصلي عليه فجر يوم الجمعة الموافق 20-9-1427هـ في جامع الإمام تركي بن عبدالله بمدينة الرياض، وقد غص المسجد بالمصلين الذين تقدمهم الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الذي حضر خصيصاً من مدينة جدة إلى مدينة الرياض للصلاة على الفقيد العزيز عليه رحمة الله.
وشيع الجثمان الطاهر إلى مقبرة العود، حيث ووري الثرى بها وكان على رأس المشيعين في المقبرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وعدد كبير من الأمراء والعلماء والوجهاء ومحبو سموه.
مات الأمير الإنسان.. مات صاحب الابتسامة.. والشهامة والرجولة والعطاء.. مات - رحمه الله - وقد كان لموته حزن وأسى لدى جميع مواطني بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية.
لقد حزن على موته وفراقه خلق كثير من الناس.. لأخلاقه وكرمه.. وإنسانيته.. وتواضعه الجم.. صاحب الباب المفتوح للجميع.. الصغير قبل الكبير.. والضعيف قبل القوي.. كان - رحمه الله - رمزاً من خيرة رموز مجتمعنا المفتوحة قلوبهم قبل منازلهم للناس.. يسمع منهم.. ويتحدث إليهم.. يساعدهم بما يستطيع عليه بالمال والجاه.. والنصح والتوجيه كل بحسب حاجته، وبالكلمة الحسنة والاستقبال والتوديع الحسن لزائريه.بهذه الخصال الحميدة.. استطاع - رحمه الله - أن يملك محبة الناس ومشاعرهم نحوه..
إذا جئت منزله قابلك بالبشاشة والترحيب والمحبة، يسألك عن حالك وأوضاعك.. وأسرتك وجماعتك وأحوال الناس.. يغمرك بروحه الطيبة وترحيبه الحاني.. وإذا استأذنت بالانصراف يحرص على توديعك شخصياً، وإذا رجوته بأن يرتاح، أمر الموجودين من أولاده بصحبتك مودعاً حتى تخرج من مجلسه العامر بالمحبة والرجال.
كان - رحمه الله - موسوعة في معرفة الأسر والحمائل ومواقع سكنها ومكانتها.. ولهذا فإن مجلسه يغص بالرجال الزائرين لسموه من كل أنحاء المملكة.. فهذا من المنطقة الوسطى.. وذاك من الشمال وآخرون من الجنوب.. وآخرون من المنطقة الشرقية والغربية ومن كل المحافظات.
ولسموه - رحمه الله - محبة خاصة في قلوب الناس.. لهذا لا غرابة أن نجد أعمدة وصفحات الصحف المحلية تمتلئ بالمقالات والقصائد الشعرية التي يتحدث كاتبوها عن مكارم سموه وشخصيته.. والكل يبكيه ويرثيه.. والمتابع للصحافة يدرك وقع تلك المقالات.. والقصائد التي يرثي فيها كاتبوها سموه.ولعل بما يخفف أثر فقدان سموه، أنه - رحمه الله - قد خلف رجالاً أبراراً سيكونون خير خلف لخير سلف.. وأملنا كبير في أبنائه الكرام خالد ومحمد، وبندر، وسلطان بأن يسيروا على نهج والدهم، وأن يظل بيته العامر مفتوحاً للجميع.. وأن يواصلوا مسيرته الخيرة في استقبال الناس والأخذ بخواطرهم والعمل على مساعدتهم بأسلوب والدهم نفسه، فهم - لا شك - تعلموا منه الشيء الكثير في حياته، ونظراً إلى أن ما كتب عن سموه اقتصر على خصاله الحميدة وشخصية سموه، ولم يتطرق إلى الأعمال الخيرية والمساعدات الإنسانية التي كان يقدمها سموه لهذا فأخذاً بالقول المأثور: (اذكروا محاسن موتاكم).. فإنني سأتحدث عن بعض ما أعرفه شخصياً عن تلك الأعمال الخيرية: المساعدات التي كان يقدمها سموه سراً للآخرين ابتغاء مرضات الله.وسيكون ذلك في مقالات لاحقة - بإذن الله - ليطلع عليها الجميع ومن ثم يدعوا لسموه بالمغفرة والرحمة.
وفي الختام نسأل الله أن يرحم الأمير سعد بن خالد ويسكنه فسيح جناته ويجعل في عقبه من بنين وبنات الخير والبركة.. ومع إيماني العميق بأن الموت حق.. وهذه سنة الله في خلقه، لهذا أقول: (إن القلب ليحزن والعين لتدمع، وإننا على فراقك يا سعد لمحزونون.. ولا نقول إلا كما يقول الصابرون: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)
قال الشاعر: