Al Jazirah NewsPaper Thursday  16/11/2006G Issue 12467مقـالاتالخميس 25 شوال 1427 هـ  16 نوفمبر2006 م   العدد  12467
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سماء النجوم

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

المواطن وشؤون معيشية صغيرة
د. فوزية عبد الله أبو خالد

ليس لي أن أشكر الأستاذ عبد الله الفوزان على مقاله بجريدة الوطن ليوم الإثنين الماضي 22-10-1427هـ بعنوان (لا تحزنوا أيها المستضعفون) وإن كنت أود أن أدخل تعديلا بسيطا على العنوان يجعله أكثر تعميما، كأن يكون العنوان (طقوا بغيظكم أيها المواطنون)، حيث ألمس كما يلمس غيري مدى شيوع حالات الغيظ الاجتماعي من بعض المظاهر التي تحدث عنها وما خفي أو ما قد لا تذكره الصحف قد يكون أعظم.
وفي هذا فإني لا أشكره على ما سماه بحبة الفاليوم أو المسكن التي أراد أن يعطيها للقارئ مثلي عله يتصبر على تجرع المر، إن لم يكن الأمر في قضاء أمور يومية بسيطة، ولكني أشكره على تسليط الضوء على بعض أوجه المعاناة التي عادة ما يأخذ المواطن فيها (سكينه بالعرض) كما يقول المثل الشعبي ويمشي بين الناس وهو يجر أحشاءه بجانبه. والمصيبة أن البعض الذي يريد أو تسول له نفسه الخروج على هذا النوع العلني من الخنوع يتهم بالتعدي على تقاليد وعادات الطيبة و(التطنيش) وتمشية الحال وقانون القول السائد (معليش) والتنازل عن الحقوق التي على المواطن الصالح أن يتزيا أو يتحلى بها ان أراد أن يعيش دون أن يلاحق بصفة أو بالأحرى بوصمته إنه (مشكلجي) أو مثيرا للشكل (trouble maker). وإن كان لا يريد بنقده إلا الإصلاح العام أو حتى تصحيح حالة ضرر خاص، كما في حالة المواطن الذي لم يستطع استعادة حقوقه ممن باعه أرضا في الهواء، أو مجرد التعبير عن احتجاج على أوضاع تعاني من خلل سافر.
وحتى لا يظن أ. عبد الله أو سواه بأنني أتجنى بتوسيع دائرة العنوان أو أتشاءم بجعله (طقوا بغظيكم......) بدل (لا تحزنوا.......) فإنني سأطرح بعض المواقف الصغيرة والحالات المبسطة عن بعض أوجه ما يواجهه المواطن في مواقع حياتية واجتماعية بل واقتصادية مختلفة، من معاناة في الحصول على حقوق بسيطة وبعضها أولية من بعض الجهات التي لا أعرف وقد لا يعرف المواطن وربما المسؤول أيضاً بعض مرجعياتها القانونية أو الأطر الرسمية أو الأهلية لمحاسبتها.
- أين تذهب سيدة أرملة، منفصلة أو حتى متزوجة بغيظها من سائقي العمالة السائبة التي تسترزق من وراء فيزها ومن وراء إطلاقها في الشوارع أسماء بعضها طنانة في المجتمع عندما تقع تلك السيدة المواطنة تحت رحمة تعلُّم تلك العمالة (السواقة) في سياراتها (التقسيط) وبالمغامرة بروحها وبروح أطفالها وآخرين حين لا تستطيع الحصول على سائق بطريقة نظامية أو عندما يفر سائقها المستقدم على حسابها وبمبلغ باهظ ادخرته من خلال الانضمام لما يعرف بين النساء (بتوفير الجمعية). هل تمشي على قدميها وتوصل أطفالها إلى المدارس على ظهرها؟ هل تقود سيارتها بنفسها؟ ومن يلومها وهي تستخدم سائقا بطريقة غير نظامية، وكلما طلبت من السائق ورقة من الكفيل هرب. هل يعرف أحد من المسؤولين وفي أي جهة إجابة عن مثل هذه الأسئلة؟
- أين تذهب أسرة - متوسطة، تحت أو حتى فوق متوسطة بمقياس متوسط الدخل العام للأسرة السعودية - أخرجت أطفالها من المدارس الأهلية والحقتهم بالمدارس الحكومية المكتظة وحرمت على نفسها الكثير مما أصبح من الضروريات اليوم مثل زيارة طبيب الأسنان شراء كمبيوتر ناهيك عن وأد أحلام السفر والإجازات في غير متابعة التلفزيون وزيارة حديقة الحيوانات المعمرة إن أمكن. كما حدت إلى ما دون الحد الأدنى من الهدايا والمجاملات الاجتماعية لتجمع الدفعة الأولى من أقساط بيت العمر أو مجرد سقف يقي الأسرة غائلة الإيجار لتفاجأ بعد خمس سنوات من الانتظار على نار التقسيط الشهري المريع بما يعادل ثلاثة أرباع دخلها بأن المنزل الموعود بضعفي سعره في السوق أي بأرباح تتجاوز المائة في المائة لصالح الشركة المنفذة ذات الإعلانات البراقة قد بدأ بمجرد أن انتقلت إليه (يخر) من أسفل ومن فوق، فمرة تنفجر المواسير ومرة تهبط أرض المطبخ وأخرى تنخلع أكرات الأبواب أو يتكسر البلاط وتنسد الحمامات. وكأن هذا المنزل والمنازل المجاورة له من نفس العينة الباهظة لا يشبه إلا ملجأ للأيتام بناه بعض الناس الذين لا يفقهون شيئا في أمور البناء على عجل ثم انصرفوا للنوم آمنين المساءلة أو المحاسبة أو العقاب؟.
- من يحمي المواطن من الجلطة أو ارتفاع الضغط وهو يرى أنه يدوخ السبع دوخات فلا يحصل على أرض أو منحة الأرض التي جاءت له من جهة عمله، بينما هناك من لم يخدش يده بعمل قط إلا بالاستعطاء وذلك ليس عملا بطبيعة الحال ولكنه حصل على حصون مسورة من أراض لا تحد ولا تعد أمتارها، حتى أن الأرصفة المجاورة لها التي تبنيها البلدية على ما يبدو حبا وطواعية تعادل عرض شوارع عامة؟
- أين يذهب مواطن يعاني من مرض جاد عليه أن ينتظر موعده في المستشفى الحكومي 3 أشهر وأين يذهب مواطن آخر تكاد تكلفة المستشفيات الخاصة من فحوصات وأدوية قد لا يحتاجها أن تضطره إلى أن يخلع عيونه ويعرضها للبيع علها تغطي فاتورة العلاج. أو في أحسن الأحوال عليه أن يلجأ للمعاريض والواسطة عله ينجح في استجداء موعد أو سرير في أحد مستشفيات الحرس أو العسكري أو الأمن العام؟.
وأين يذهب مواطن تعطلت يده إلى الأبد بفعل تلك المراكز الصحية غير المهنية طبياً المنتشرة التي يلجأ إليها المواطن لتمشية الحال (استرخاصا) فيدفع من عافيته ثمنا لم يخطر له على بال، خاصة وأن وزارة الصحة نفسها لم تستطع أن توقف مثل هذا الاتجار بصحة المواطن رغم كثرة مثل هذه الشكاوى والتأكد من وجود طواقم طبية غير كفء إن لم يكن بعضها يعمل دونما اختصاص أو ترخيص أصلا؟.
- أين يذهب المواطن من مسؤولين في دوائرهم يتسترون على الأخطاء ويجملون التقصير بالتبرير ويجزعون من النقد جزع فرعون من الماشطة، وينقمون على من يواجههم بواقع الحال ولا يستريحون إلا باستبعاده من دائرتهم؟.
- أين يذهب المواطن من تهرب السباك والنجار والمزارع والحداد والكهربائي والميكانيكي عن القيام بما يتفق معهم عليه من عمل. ورغم أن المواطن يدفع مقابل ذلك لمؤسساتهم من دم قلبه فإن العمل غالبا ما يؤدى بأيدي عمالة غير مختصة وغير مدربة، وذلك لأن الطمع في العمالة المستضافة الرخيصة هو الخيار الذي يتخذه أرباب العمل ويدفع ثمنه المواطن مرة من جيبه ومرة من التماسات كهربائية أو سواها من نتائج أعمال فنية غير متقنة قد تودي بحياته؟.
- لمن يشتكي ومن ينصفه وماذا يفعل مواطن وجد أنه يدفع أضعاف زيادة الخمسة عشر في المائة الأخيرة للرواتب في ارتفاع أسعار الأدوية والمأكل والمشرب والأثاث والضروريات اليومية الأخرى عدة مرات عما كانت عليه قبل تلك الزيادة.
والأمثلة السابقة ليست إلا غيض من فيض الغيظ أو مجرد إشارة عابرة لرأس جبل الجليد وليست بأي حال من الأحوال ما تحت الماء من الجبل.
لطالما لاحظت أن الكثير منا معشر الكتاب عندما تواتينا الجرأة فإننا نكتب نقدا يقتصر في الغالب في فضاء الثقافة أو التعليم أو السياسة على استحياء، بينما نادرا ما نتكلم عن تلك الإشكاليات اليومية الصغيرة التي تعرقل حياة المواطن إن لم تعطلها. وهي في النهاية قضايا معيشية ملحة وإن كان بعضها قابلا لحلول فورية وبعضها قد لا يحتمل التأجيل، فإن حلها الجذري يرتبط بتغيير في الفلسفة الاجتماعية وفي استراتيجيات السياسات التنموية من ناحية، كما يرتبط من ناحية أخرى بتعديل موقف المواطن قيميا وعمليا ليكون موقفا إصلاحيا متفاعلا يطالب بالإصلاح ويشارك فيه ويساعد عليه وليس موقفا تواكليا كمن ينتظر السماء أن تمطر ذهبا أو موقفا تأففيا في الظلام، وإلا فليس لنا إلا أن نطق بغيظنا إلى أن نغير ما بأنفسنا.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved