| |
البوارح مجزرة بيت حانون د. دلال بنت مخلد الحربي
|
|
لم يعد المشهد الفلسطيني المأسوي يمثِّل هماً لكثير من الناس، إذ إنهم تعوَّدوا على رؤية المجازر التي تُرتكب ضد الفلسطينيين بصفة دائمة فتحوَّل الأمر إلى مجرد شعور بالأسى ينقشع مع انتهاء عرض المشهد على شاشات التلفزيون، وخير مثل على ذلك مشهد مجزرة بيت حانون التي قُتل فيها عشرات الأبرياء وجُرح المئات من المدنيين التي تجاهلها العالم المتحضِّر ونظر إليها على أنها مجرد حلقة في سلسلة متوالية من الصراع لا تستحق الإدانة، بل مجرد التنبيه إلى ضبط النفس، فتساوى الجلاَّد مع الضحية. والمفجع أن الأمر تجاوز ذلك إلى ظهور كتابات تتحدث عن ضرورة البحث عن السلام، وتفعيل الحوار بين الفلسطينيين واليهود، في حين أن كل المعطيات السابقة واللاحقة تؤكِّد على أن اليهود لا يبحثون عن السلام بقدر ما يبحثون عن سبل الهيمنة على المنطقة واستخدام القوة لفرض المسار الذي يرغبون فيه وهو تجريد الفلسطينيين من كل حقوقهم وتقديم تنازلات لا تتعدى إقامة كيان ضعيف غير مؤهل لتكوين دولة حقيقية. إن المأساة التي تستفحل يومياً تظهر أن الرغبة اليهودية هي التي تفرض نفسها وهي التي يُؤخذ بها، أما حقوق الفلسطينيين فهي مجرد سراب بعيد المنال في ظل الضعف العربي. مجزرة بيت حانون هي حلقة في سلسلة من المجازر التي دخلت كتب التاريخ كأحداث وقعت ومرت دون عقاب للجانب المعتدي ابتداءً من مجزرة دير ياسين، والمؤكّد أنها لن تكون النهاية، بل ستعقبها مجازر ومجازر ما دام هناك من ينتظر أن تجنح الدولة اليهودية العنصرية إلى السلم، في حين أن المعرفة التاريخية توضح أن التوجه السلمي لن يغلب على الممارسة الصهيونية لأن فيه إضعافاً لهذه الدولة المصطنعة التي قامت على الباطل، وتأسست على سلب الأراضي وقتل الإنسان وتدمير كل مقومات الحياة للفلسطينيين. وأخيراً قد تكون هناك بارقة أمل في موقف عربي قوي إذا تحقق قرار وزراء الخارجية العرب برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، فلعل القرار يكون بداية توجه تصحيحي في التعامل مع القضية دون التفات إلى الموقف السلبي للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي أفشلت كل قراراتها الإدانة في مجلس الأمن موضحة عن انحياز واضح للجانب المعتدي.
|
|
|
| |
|