| |
مركاز حراج المقيبرة!! حسين علي حسين
|
|
لست أدري والله، منذ متى وأنا أحشر نفسي، بين وقت وآخر، في زمرة الكتّاب الاقتصاديين، لكنني أدري أن كثر النواح يعلم البكاء!! وهذا ما يدفعني للكتابة الاقتصادية، فقد كنت أعتقد، مثل عامة الناس أن من يريد تقليب رزقه، عليه الاتجاه إلى صالة الأسهم، وقد اتجهت واتجهت، حتى تحولت مدخراتي من الأسهم إلى ما يشبه الرمل الناعم، كلما حاولت الإمساك به ولمه، خدعني وتسرب إلى الأرض، وعبثاً تلم الرمل النقي الغالي من التراب! هذه حالي وحال الناس، وقد فوضت أمري إلى الله، فأنا في النهاية، صاحب حصيلة لا تثمن ولا تغني من جوع، إن ضاعت فإن مصلحة معاشات التقاعد، وبعض المقالات هنا وهناك، تجعلني أعيش كما كنت منذ سنوات، وقليل موجود خير من كثير في علم الغيب، هذه القناعة تعلمتها من جدتي، وقد أنقرض هذا النوع من القناعة، وربما يساهم سوق الأسهم في عودة مثل هذه القناعة!. الآن هناك من خسر 75% من مدخراته في ظاهرة (التسونامي) الثانية، التي تمر بها سوق الأسهم المحلية، في ظرف ثمانية شهور فقط، ومع ذلك فإن محبي المغامرة - من أمثالي - لم يستوعبوا الدرس، فأوغلوا في الشراء والبيع، وهم يرون ونحن نرى، أن الفاقد أكثر من الموجود، إننا الآن في صالة قمار حقيقية، ولا نحتاج لكي تكتمل الصالة، إلا إلى عدة الشغل من موزعي الماركات وإلا الجلوس في الصالة (24) ساعة متواصلة، أي عرض مستمر، والخاسر يتجرع مرارته، وربما يقتل نفسه وقبل ذلك اللاعبون، أو من يعتقد أنهم سبب خسارته! في سوق الأسهم هناك محللون يشبهون الثعالب، يعملون لنا من البحر طحينة، يرفعون سهماً ويخفضون آخر، وهم في غاية التأكد، أن من يستمعون إليهم، سوف يعمدون في الحال، إلى الدخول في الأسهم التي زكوها، دون أن يخايلهم أدنى شك، بأن من كان يتحدث إليهم، ما إلا هو مسوق لها أو هوامير هو واحد منهم. سياسة القطيع هذه خلفت ما نراه من مآسٍ، فقد كان هؤلاء اللصوص يسرقون المتداولين، دون أن يرف لهم رمش، وهم يمارسون عملهم، كما يمارس المنشار عمله، أكل في الطالع والنازل!! لقد ارتفعت بعض الأسهم ارتفاعاً جنونياً، ويكفي أن نذكر سهماً واحداً، وصل سعره إلى أكثر من أربعمائة ريال، وهو الآن معروض بمبلغ لا يزيد عن ربع ثمنه، ومع ذلك لا أحد يشتريه، فكيف حال من اشتراه بسعره السابق، خاصة إذا كان ممن يشترون بالكوم، وليس مثلنا من جماعة عشرة أسهم، في اليد، وعشرة على الشجرة!. سوق الأسهم عندنا يذكرني بحراج المقيبرة يدخله الغني والفقير، الأمي والمتعلم، ويفتي على كل هؤلاء كوكبة من الناس، بعضهم لا يضيء أبداً، وبعضهم ضوؤه لامع، وبعضهم ضوؤه من قوته يطرد كل من يقف أمامه.. هؤلاء هم محرجو السوق، وكلهم، ليس عليهم عين ترصد أصواتهم، وتراقب بضاعتهم، وتتخذ تجاه المخطئ أو المدلس منهم العقاب الرادع.. وعلناً!! المحللون ذوو الضمير الحي قلة، وهم يعرفون، أو على الأقل لديهم شك تجاه بعض اللاعبين، الذين يخوضون معركة يومية وحارة في السوق، بهدف كسر السوق، وكسر من يدخله، لكن رئيس الهيئة قال في إحدى الندوات: أن لا تعليق لديه، وإن السوق تمام التمام، والهيئة تقوم بعملها، والأسهم الآن جاهزة لمن يريد الشراء بهدف الاستثمار، ولابد أنه متأكد أن المساهمين - خصوصاً صغارهم - لديهم مبالغ تحت البلاط حان الآن وقت خروجها! باتت الجنازة الوحيدة التي تم البكاء عليها أكثر من أسبوعين بصورة متواصلة، هي جنازة سوق الأسهم، ونرجو أن لا يفيض البكاء، فيمتد إلى هيئة سوق الأسهم.. هناك خلل، حتى لا نقول جريمة، ترتكب بحق الناس ومدخراتهم، دون أن يتصدى، أحد ليعرف ويحقق في السبب، الذي ارتكبت من أجل هذه الجريمة أو الجناية، فالسقوط الذي نراه الآن تفوق وبامتياز على سقوط فبراير 2006م.. والغريب أننا بكينا وبكينا على ذلك الانهيار حتى تبلد إحساسنا، فلم نبك على الانهيار الثاني بالشكل الذي يليق به!! ملحوظة: كتبت هذه المقالة قبل أن تخضر الشاشة يوم الأحد 12 نوفمبر، وقد حرصت على بقاء ما كتبته لأنني ما زلت في شك من أمري، هل بدأ سوقنا السير في الطريق الصحيح، أم أننا سنعود من جديد لحكاية صعد السوق.. نزل السوق!!.
فاكس 4533173
taiba1989@hotmail.com |
|
|
| |
|