| |
كسر الحصار وتقوية الإرادة
|
|
الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تتطلب أكثر من مجرد كسر الحصار إلى السماح بتدفق الأموال والمساعدات فورا، اليوم قبل الغد، وقد جاء القرار العربي بكسر الحصار الاقتصادي على الفلسطينيين ليلبي حاجة متزايدة للمساعدات، ومع ذلك فإن القرار وجد من يسعى إلى تقييده، حيث عمدت واشنطن التي، لم تعارضه مباشرة، إلى تذكير الدول العربية بالشروط التي ينبغي مراعاتها عند تقديم المساعدات وهي تلك الشروط التي نصت عليها اللجنة الرباعية التي تقول في مجملها إنه لا يتم استئناف المساعدات للفلسطينيين حتى تعترف حكومتهم بإسرائيل، وتحترم الاتفاقات الموقعة وتنبذ ما تسميه اللجنة الرباعية العنف.. ويعني ذلك وفقا لتلك الشروط أن يموت الفلسطينيون مرتين، مرة في هذه المذابح الإسرائيلية التي لا تتوقف، ومرة ثانية بالجوع والمرض وبرد الشتاء القارس وكل ظروف الفقر المدقع التي تضرب أنحاء غزة والضفة.. والدعوة الأمريكية إلى مراعاة شروط استئناف المساعدات لا تتفق مع مأساوية الأوضاع الفلسطينية وتفاقم حدة المصاعب، كما أنها تسمح لواشنطن بالتعاطي في كل ما يهم الأوضاع بين الأشقاء العرب، فهم كأشقاء بعضهم يراعي احتياجات بعض، ويلتمسون الوسائل التي من شأنها تخفيف المصاعب، ويتبادلون مقتضيات وشائج القربى والإخوة، وكلها أمور من صميم الشؤون الأخوية.. وإذا كان علينا الانتظار لحين التجاوب مع شروط اللجنة العربية، فإن ذلك يفترض وجود تحرك ما نحو التسوية يدفع مختلف الأطراف للتجاوب مع تلك الشروط، لكن غياب تلك المعطيات وفي وقت انعدمت فيه بالكامل ملامح الحل، فإن ذلك يعني إهمال تلك الاحتياجات العاجلة للإخوة في الضفة وغزة ورهنها بنتائج تلك التحركات، ويعلم الجميع غياب الحافز لدى أعضاء دول اللجنة الرباعية الذي يجعلهم يحثون الخطى نحو تسوية في فلسطين.. فعضوية اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، والأمم المتحدة) لا تشير إلى أن ثمة من يحس بآلام هؤلاء الذين تقتلهم الطائرات الإسرائيلية صباح مساء ، وليس من بينهم من ابتدر التحركات في الشهور الأخيرة من أجل درء المخاطر عن الفلسطينيين رغم تفاقمها وتواترها بمعدلات أعلى وأسرع يوما بعد الآخر.. إن النظرة الغربية بصفة عامة تشكل انحيازا واضحا تجاه إسرائيل، والأحرى أنهم لا يرون في هذه المذابح اليومية سوى إجراءات من جانب إسرائيل للدفاع عن نفسها، حسبما قالت واشنطن معلقة على الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، ومن ثم فإن مجاراة مثل هذه التوجهات وهذه التفسيرات لاعتداءات ظاهرة وبائنة ومذابح مفجعة يعني الموافقة على ذبح الشعب الفلسطيني وإبادته والاكتفاء بالفرجة على مآسيه، وهو أمر لا يمكن تصوره بين الأشقاء، بل هو أمر مستبعد لكل من يحس بمعاناة الإنسان بصرف النظر عن مستوى العلاقات أو القرابة.
|
|
|
| |
|