| |
عبرة أولي الألباب
|
|
اطلعت على برنامج في الحاسوب يحكي عن عدة شعوب تاريخياً وجغرافياً، وذهلت عندما ذكرني أن المسلمين حين فتحوا الأندلس (إسبانيا) ظلت تحت الحكم الإسلامي لأكثر من سبعمائة عام، ثم خرجت من تحت مظلة الدولة الإسلامية نتيجة ضعفها وانصراف ساستها عن الطريق القويم، والتهت بسفاسف الأمور.. كما قرأت مقالة (حكم في سياق) بالجزيرة بتاريخ 15 شوال 1427هـ للأخ الكريم محمد التويجري، مما أثار في نفسي مرارة في هبوط الأمة الإسلامية بما فيها العربية من أحوال مظلمة وفساد في اختلافهم وتبعيتهم الخرقاء في نهجهم وسلوكياتهم سواء من الناحية المعنوية أو المادية، حتى وصل بهم الحال إلى انحطاط بعضهم دينياً مما دفع الكثير منهم لانتهاج تغييرات خرقاء تحت مظلة العولمة والماديات الحديثة، حتى أن توجه الكثير من شباب الأمة (العربية والإسلامية) أضحى مسيراً ومغلوباً على أمره لعدم معرفته حقيقة التوجه الصحيح، مستسلماً لما يفرض عليه سواء من الفضائيات أو غيره من دور إعلام ودعاية ومجلات. كان المسلمون الأوائل، من عهد الخلفاء الراشدين وبعدهم الأمويين، وبالذات قادتهم وأمراؤهم وساستهم، يلتزمون بأمور جوهرية ولا سيما المبادئ الأساسية سواء كان خلقياً أو سلوكياً أو اجتماعياً، فهم يعلمون أن ما يشد من أزرهم هو ما يدعو له الدين الإسلامي كمبدأ في التشريع والحقوق والواجبات. هذا كله أعطى نتاجاً متميزاً وجعلهم يسودون العالم، وتثري علومهم، ونبوغهم في مجالات إنسانية عديدة، ولم يشعروا بالخوف أو الفشل، ولم ينخوا أو يستهانوا في عزتهم وكرامتهم نظراً لقوة عقيدتهم الإسلامية وعلمهم المسبق في صلاحها وبياضها، فأخلصوا العمل وزادوا من جودته، ولم يغشوا أو يخدعوا في سبيلهم الإنساني فكان النجاح حليفهم، وكانت غايتهم الازدهار والإثراء في العلوم بشتى أنواعها وذلك بغية الانتفاع بها للبشرية جمعاء تحقيقاً لقوله تعالى {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، (105 سورة التوبة). إن حال المسلمين والعرب مستهان فيه في وقتنا الحاضر، فالكل يرى ويعلم ما يجري في الإعلام الغربي، وسوء النوايا المسبقة ضد المسلمين سواء مبطناً أو صراحة، فما يجري في فلسطين المحتلة والعراق ولبنان وأفغانستان وغيرها من الدول الإسلامية وما كان قد جرى سابقاً من تشويه للرسالة المحمدية الشريفة ونبيها محمد عليه الصلاة والسلام وما كان من بابا الفاتيكان وغيره مما سبق فهو دليل على ضعف أحوال المسلمين. لكن.. هلا فكرنا أن نخرج من القمقم الذي نحن قيدنا فيه، هل من داعية أو مفكر رائد يظهر في عهدنا حتى يجدد الرسالة للمجتمع الإسلامي بالصورة الحديثة (بما يلائم عصر العولمة) ويتمكن من دحضها وإكساب المجتمع الإسلامي حركة أو صبغة جديدة وجدية بحيث يطلق عليها مثلاً (الإصلاح العالمي) بدلاً عن (العولمة) والمقصود في غايته هو استقطاب المبادئ الإسلامية في حوكمة العولمة بحيث يعطي المبادئ الإسلامية عنصر السيادة، وبالتالي استقطاب الدول العربية والإسلامية في وحدتهم واتحادهم لتشكيل قاعدة لوطن واحد مسلم، يهتم بالمسلمين على حد سواء، وذلك بتوحيد حدودهم، وعملتهم، وسوقهم، وتماسكهم معاً ضد عدوهم، وتشكيل تكامل اقتصادي واحد وبالتالي تتشكل دولة إسلامية موحدة وقوية. إلا أن ذلك لا يتأتى من فراغ، فلا بد من مساندة وتكاتف ونيات صافية وأهداف إسلامية حقة، وتحقيق رغبات المسلمين بالحق والعدل وإصلاح شؤونهم الاجتماعية والمالية. فعندئذ يمكن للمسلمين استعادة عزتهم وكرامتهم، وبالتالي يتحقق نصر المسلمين وتصبح همومهم مشتركة، يسودهم الحب والوفاء ويحترمهم من كان في الشرق أو الغرب. وبطبيعة الحال فإننا سنتخطى عبارة أو عقدة (العالم الثالث) والتي يستخدمها الغرب تأدباً (لغوياً) وذلك لإهانة وإذلال شعوبنا. وأخيراً هل من ضمير حقيقي ومسلم يعي ويسعى لتحقيق النصر للمجتمع الإسلامي ليصبح أمة واحدة بدلاً من عدة بلدان مشتتة جغرافياً واجتماعياً، وذلك تحقيقاً لما جاء في الآية الكريمة {وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ}، (121 سورة هود)، وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، (13 سورة الحجرات).
يوسف عبدالرحيم طاشكندي
|
|
|
| |
|