| |
الانكفاء على النفس عند حدوث الأزمات مشبب بن أحمد آل مشهور - الرياض
|
|
على الرغم من كل ما أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم من أزمات وضيق إلا أنه كان يستشرف رحيق وعبير (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)، فالحياة ليست وجهاً واحداً فحينما يصل الإنسان إلى نهاية الضعف هنا تبدأ القوة لأنه لم يعد عند الإنسان شيئاً يخسره وقتها. من الخطأ الكبير أن تتحول الأزمة إلى سبب في التوقف عن الأداء والتوقف عن الإنجاز واستشعار الإنسان أن حركة الحياة والتاريخ توقفت عند هذا الأزمة بل أكبر خطأ أن تتحول هذه الأزمة أحياناً إلى سبب في المزيد للانكفاء على النفس ولكم في المشاهد التاريخية التي عايشها الكثيرون منا كأزمة ضرب أفغانستان أو أزمة ضرب العراق وسقوط عاصمة الرشيد في أحضان قوات الروم. رفيق صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمرُ وضرب فلسطين على مدى السنوات الطويلة وضرب لبنان وانتهاك حقوق الناس نجد أنه خلال كل هذه الأزمات أن الناس بدلاً من أن ينهمكوا في عمل إيجابي أو عمل بناء خصوصاً فيما يخصهم هم كأشخاص أو ما يخص مجتمعاتهم أو فيما يخص الأزمة نفسها والتفاعل معها إننا نجد الكثير من الناس ينصرفون إلى عراك فيما بينهم حول مفاهيم الأزمة وكيفية التعامل معها، ومن المخطئ ومن المصيب وأين يكون موقعنا؟.. فيختلف الناس حول هذه الجزئيات ومن ثم يتصارعون ويتقاتلون وينسون عدوهم الأصلي وينشغل بعضهم في بعض. ومن نافلة القول هناك كتاب لعميد المستشرقين وهو ليس صديقاً للعرب وليس صديقاً للمسلمين هو (برنارد لويس) واسم كتابه (تأثير الغرب وموقف الشرق الأوسط) تحدث في هذا الكتاب أن العالم الإسلامي في الوقت الذي يمثل ربع سكان الكرة الأرضية لا يملك سوى 6% من ثروات العالم، هذا العالم الذي فيه أكثر من خمسين دولة من الدول الغنية والكبيرة ليس فيها دولة واحدة عربية أو إسلامية.. وتحدث أيضاً عن أثر العالم الإسلامي في السوق والمنتجات وأنه من بين أكثر من 3000 منتج لا يوجد منتج واحد عربي أو إسلامي اللهم إلا النفط أو الكافيار أو السجاد الإيراني.. تحدث أيضاً عن قضية البطالة وإنها من 5 إلى 10% بأغلب دول العالم، بينما هي بالعالم الإسلامي تقفز إلى أكثر من 20%، وتحدث أيضاً عن أكثر من مليونين ذهبوا بسبب صراعات داخلية بالعالم الإسلامي، بينما اليوم أتصور أنها ارتفعت إلى الضعف بسبب الأزمة التي نعيشها. هناك أزمة حقيقية بالعالم الإسلامي وهذه الأزمة مع الأسف هي شهادة تقدم ضد الإسلام الذي ننتمي إليه لأن الكثير من الشعوب تعرفت على الإسلام من خلال أهله. وقد قال أحد العقلاء: إن الإسلام مشجوب بمساوئ أهله، فنحن حين نقدم هذا الدين للناس ثم ينظرون إلى واقعنا فيجدونه واقعاً سيئاً فيصدون عنه بدلاً من أن يقبلوا عليه. وبالمناسبة فإن أحد المهتدين قال: الحمدلله إنني تعرفت على الإسلام ودخلت فيه من خلال الكتب.. ولو أنني تعرفت عليه من خلال أوضاع العالم الإسلامي لكان ذلك خليقاً أن يزيد من بعدي في الدخول في دين الله عز وجل. لو أننا نسينا الأزمة الحالية التي نعيشها في لبنان أو في فلسطين وتخيلنا ماذا نكون عليه بعد أن تهدأ الأمور أو ما كنا عليه قبل أن تتوتر الأمور لوجدنا أننا في حالة لا تؤهلنا أن يعطينا الله نصره.. الله يمنح النصر من يشاء، ولكن الله تعالى لا يمنح النصر إلا من يستحقونه، ولذا يقول تعالى: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)ولكن منهم الجديرون بالنصر: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). هذه الأزمة بمرارتها وقساوتها وما من أحد إلا ولا يملك دمعة وهو يرى مشاهد الدمار في بلاد الإسلام والقتل والاغتصاب والعدوان والصمت والتواطؤ... إلا أننا مع ذلك نلتمس رحمة الله تعالى وفرجه ونصره تعالى ونلتمس الحكمة الربانية لعله من خلال هذه الظلمات المتكاتفة أن يستشعر الناس قدراً من التطلع الصائب.. قدراً من الاعتراف بالخطأ مع النفس وأن نتوقف عن توزيع المسؤوليات ونوزع المسؤولية لأنفسنا مباشرة لننظر ماذا ممكن أن نعمل وماذا نستطيع أن نساهم به.
|
|
|
| |
|