| |
يا خطيب (أكرا): هذه هي رسالتنا!! السيد خضر
|
|
جاءتني رسالة عبر بريد (الجزيرة) من أحد عشاق جريدة (الجزيرة) بجمهورية غانا.. وهو خطيب بأحد جوامع العاصمة - أكرا - عبَّر خلال رسالته عن إعجابه بما ينشر في الجزيرة من مقالات وآراء لي ولغيري .. ويسعدني اليوم أن أرد عليه.. وعبر الجزيرة أيضا.. الأخ / محمد زكريا عبد الله .. الخطيب بأحد مساجد العاصمة الغانية.. أكرا.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندما قرأت رسالتك وعرفت أنك خطيب بأحد المساجد - وفقك الله - ظننتك أردت التعليق على مقال لي بجريدة الجزيرة نشر في صفحة الرأي بعنوان( خطيب الجمعة.. نعذره أم نلومه) بتاريخ 21 من شعبان 1427هـ، ولكن تاريخ كتابتك الرسالة أكد غير ذلك.. ولعل ما دفعني إلى الكتابة حول هذا الموضوع، موضوع الخطبة والدعوة إلى الله - وهو الموضوع نفسه الذي تدور حوله رسالتك - دفعني إليه ما يدور على ألسنة الكثيرين من حولنا من اتهام للخطباء بالتشجيع على التطرف أو الإرهاب، أو عن تقصيرهم في الدعوة ( بالرغم من معاناة هؤلاء الخطباء مثل كل فرد في مجتمعاتهم ) حتى صارت المجتمعات مليئة بالمفاسد والانحرافات.. مشكلتنا يا أخي محمد أننا في المجتمعات الإسلامية دائما نجد ما نعلِّق عليه تقصيرنا أو أخطاءنا، وهي للأسف أخطاء قاتلة، فمرة نلقي باللائمة على المعلمين في المدارس، في الوقت الذي جُرِّد فيه المعلِّم من كثير من صلاحيات التقويم والثواب والعقاب، بل إنه صار محل اتهام من الكثيرين حتى لو كان مخلصا ؟!! وكذلك خطيب الجمعة صار هدفاً يُرمى بعد أن علقت بعنقه- جهلا بالواقع-أخطاء البيوت وانحرافات المجتمع وحصاد الفضائيات الماجنة. يا أخي محمد .. لن تنجح الدعوة إلى إصلاح مجتمعاتنا - فيما أرى وكما يفرضه الواقع- إلا إذا تحقق شيئان: أولاً: أن يتحمل كل منا مسؤولياته- أياً كان موقعه- ويقوم بما يجب عليه خير قيام مراعيا الأمانة التي كُلِّف بها وحملها أمام الله عز وجل، وألا يتنصل من أخطائه ويلصقها بغيره ظنا منه أن ذلك سيعفيه من المسؤولية أمام الله تعالى وأمام ضميره. ثانيا: أن نحوِّل دعوتنا الإسلامية إلى سلوك وعمل، وكفى ما حدث ويحدث من الاهتمام بالمظهر الإسلامي دون الجوهر حيث تركنا الصدق وإتقان العمل اللذين حثنا عليهما الإسلام، وهما ما سبقنا بهما الغرب، صرنا بمظاهر الإسلام الخاوية من مضمونه الحقيقي في ذيل الأمم. لقد انتشر الإسلام في أنحاء المعمورة بالقدوة الصالحة والسلوك الحسن، وبالأفعال لا بالأقوال فحسب.. والإيمان بالله تعالى وهو الركن الأساسي في عقيدتنا مقترن بالعمل به.. فهما -أي الإيمان والعمل به- في الإسلام شيء واحد لا يقبل القسمة، فالحق تبارك وتعالى يقول ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا )!!، كما يمقت - سبحانه - من يقول بشيء ولا يفعله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون} أخي محمد.. لماذا نركز في دعوتنا على إصلاح الشباب ومن هم في دور العلم من مدارس وجامعات فقط ؟! أليس لهؤلاء الشباب آباء ومعلمون يقتدون بهم يحتاجون أيضاً إلى توعية حتى يكونوا على قدر مسؤولياتهم؟! أليس هناك التاجر والصانع والعامل والخادمة والسائق .. وغيرهم الذين يتعامل معهم أبناؤنا ويأخذون منهم أخلاقياتهم وسلوكياتهم.. وجميعهم يحتاجون إلى أن تتسم حياتهم بالسلوك الإسلامي الصحيح بعيداً عن الوعظ الكلامي الأجوف ؟!! أخي محمد.. إمام المسجد وخطيب الجمعة الناجح والذي تحتاجه هذه المرحلة العصيبة من حياة أمتنا الإسلامية، هو الذي يترجم مبادئ الإسلام إلى سلوك يلتزم به هو أولاً في نفسه وبيته، ويعامل الناس ويخالطهم ليبث فيهم روح الإسلام صدقاً في القول وإخلاصا في العمل، واستقامة في السلوك ابتغاء وجه الله تعالى.. وألا يقتصر عمله على المنبر يوم الجمعة فقط!! وختاما .. أدعو الله عز وجل أن يرزقنا وإياك الإخلاص في كل ما نقول ونعمل.. وأن يجعلنا من أهل قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
Skhedr300@hotmail.com |
|
|
| |
|