| |
أوقفوا حوار المذاهب منصور الحميدان
|
|
ثلاث مراحل حاسمة مر بها العرب في تاريخهم الحديث الأولى بدأت بهروب جماعي من مياه سد عظيم تهتك في جنوب شبه الجزيرة فاتجهوا إلى الشمال حيث أقاموا دويلاتهم، لكنهم لم يبتعدوا كثيراً عن جزيرتهم. الثانية بدأت ببزوغ نجم الإسلام في غرب شبه الجزيرة، حيث حلق الدين العظيم بالعرب بعيداً عن جزيرتهم، فوجدوا أنفسهم أسياداً لإمبراطورية مترامية الأطراف وهم قلة قليلة في معظم مجتمعاتها. وكان لا بد مما ليس منه بد، فأصبحت الإمبراطوريات الإسلامية للأكثرية من غير العرب. آخر تلك كانت الإمبراطورية العثمانية التي دانت فيها أمة العرب للغير في عقر دارها. حاول العرب الانتصار لقوميتهم ضد الأتراك وظلت (القومية العربية) فاعلاً رئيساً في الكفاح ضد الاستعمار الأوروبي الذي جثم على أنقاض الإمبراطورية العثمانية في بلاد العرب وبقايا إمبراطوريات المسلمين. لقد كان طبيعياً أن يتحرك العرب (المسلمون) أيضاً ضد المستعمر الكافر، لكنّ شيئاً من وحدة الصف لم يتبلور بين المقاومتين لأن غير المسلمين كانوا فاعلين في دهاليز (القومية العربية). كل هذه الأمور كانت تحصل خارج جزيرة العرب التي ظلت منسية، حتى جاءت المرحلة الثالثة بعد أربعة عشر قرناً من اليُتم في صحراء التاريخ. تلك هي مرحلة الدولة السعودية التي بزغت شمسها في وسط شبه الجزيرة، لينتشر نورها على باقي الجزيرة، ولينجز السعوديون قرناً من البناء تحولت خلاله بلاد العرب إلى وطن حقيقي في عالم تحفه الأخطار ويحكمه الاقتصاد وأسواق المال، المشروع السعودي عربي وإسلامي في آن واحد، ولهذا فهو يشكل أملاً لكلا الطرفين. لكنّ غيوماً سوداء تحلق في سمائه، وتمطره بمياه آسنة، فالحراك الإسلامي خارج أرض العرب تحول إلى حرب طاحنة بين مذهبين من مذاهب المسلمين، اليوم في العراق، وغداً في لبنان وما يجاور لبنان، والله وحده يعلم أين تشتعل بعد ذلك. ماذا عسانا أن نفعل؟ بل حقيقة.. ماذا نريد؟ نريد أن نكمل مسيرة بناء وطننا، وطن العروبة والإسلام، نريد أن ننأى بأنفسنا عن الفتن المتأججة خارج حدودنا حتى لا تحرق أيدينا، وربما جسدنا كله. نريد أن يتوقف كل سعودي، عالم أو غير ذلك، عن المشاركة في النقاش حول (المذهبين) الذي يثيره طرفا النزاع ليقحمونا فيه طمعاً في أموالنا وأولادنا، أفضل وقود للفتن عثروا عليه على الإطلاق. والله المستعان،،
|
|
|
| |
|