| |
ثقافة المناسبة
|
|
توضع آخر نقطة في ميادين العروض الثقافية بمختلف أنواعها وأوجهها وألوانها وأنماطها وأشكالها المرئي منها والمسموع أو بهما معا، ويتفرق الجمع الذي استجمع كافة قواه البصرية والعقلية والسمعية والجدلية بكافة مستوياته، وبعد تسخير لكافة الامكانات المادية والبشرية والزمانية والمكانية، وقبل أن يجف عرق أطروحاتها يتم جمع أوراقها ومستلزماتها ولوحات أسماء المشاركين فيها والتي عادة تكتب بخط جميل قاعدي، وتوضع في صندوق احتضن أيضاً القصاصات والملاحظات والمعلومات والتعقيبات والمداخلات والذي عادة يكتب منه التقارير الشكلية تحاشياً للبحث والمعاناة ليزود بها ملف الزمن الذي يتوارى غالباً بين الملفات المتعددة، هذا إن حظي بشيء من التعامل، ثم يدخل ذلك الصندوق إحدى الغرف إن كان محظوظاً، إلا أن ذلك الحظ لا يدوم فيكون مصيره الخروج من الغرفة التي كان يشغل جزءاً منها، إما للتنفس الجسدي أو الاتجاه إلى موضوع ثقافي آخر، تأكيداً على نسيان الزمن الذي كان حاضراً فيه، ومن ثم يتم إتلافه أو إيداعه في ميدان المهملات، وبذا يكون شوطه قد انتهى والحادي قد قدم ما عنده لتغرق كافة المعلومات وتنسى بنسيان زمن ذلك العرض لا مكانه الذي ربما عاد الأطراب فيه مرة أخرى دون أن يحظى بناموس الرصد لما تم عرضه في ذلك المكان ليمحوه الزمن - ولا أعني بذلك توثيق المحاضرات أو الندوات أو العروض الثقافية الأخرى التي ربما حظيت في بعض المناسبات بجزء من الأهمية، هذا إن جمعت ووصدت أمامها الأبواب والأقفال واستطاع النزر اليسير منها تحطيم الأغلال ورأى النور فتلك معجزة -، وإنما أعني ما تم اقتناصه وهو كثير والذي إن وضعت له آلية تزيد من الاقتناص للمعلومات فما تم تسجيله في قصاصات أو أدرج ضمن المناقشات والمشاركات والمداخلات وكذلك ما حمله المشاركون من معلومات عن أنفسهم أو من هم في مستواهم أو أقرانهم أو من يعرفون أو ما ضمته الأطروحات التي تؤخذ عادة من المشارك عند تقديمها منه أو مشاركات جانبية أخرى وما إلى ذلك من المعلومات، فتعتبر ثروة لا يستهان بها كإثراء غير مباشر للعرض الثقافي القادم والتراكم المقصود عند طرح الموضوعات أو تحديد مشارك فيها، وحبذا لو كلفت مجموعة يديرها من هو أهل لذلك يعي القيم لتلك المعلومات ووضعها ضمن سجلات النشاطات الثقافية تقدم بعد تصنيفها وتنقيحها لتكون إضاءة يستدل بها عند التخطيط لإقامة نشاط ثقافي آخر وتكون رصيداً يضاف إلى ما سبقه من معلومات، وقاعدة لمعلومات مستقبلية تحضيرها عند طرح الموضوعات والمشاركين مجدياً تحاشياً للتكرار واختيار المناسب للمشاركين في العروض الثقافية، هذا فضلاً عن كونها رصداً لأفكار المشاركين وقدراتهم وجهودهم وإعدادهم وعرضها في أدلة ثقافية أو استعراضات مسموعة أو مرئية تعبر عن المستوى الثقافي الذي تم بلوغه، وثقافة وقدرة يرانا الآخرون من خلالها تدفعهم إلى الرغبة في مشاركتهم ونافذة للتفاعل الثقافي المنشود.
د.عبدالعزيز عبدالرحمن الشعيل
|
|
|
| |
|