| |
حِكَم في سياق محمد عبد الرحمن صالح التويجري
|
|
سُمِّيت بذلك لأنها حكم تأتي في سياق أو رِتم واحد، وفي الحقيقة أن كل إنسان من الصغار والكبار، وبخاصة من كبار السن، في أي عصر من العصور لديه حِكَم يكون قد استنبطها من حياته الخاصة أو من حُكم مشاهدته لأحوال الناس، والعاقل الذي يستفيد من كل درس يمرّ عليه ويتفادى الأخطاء التي مرّت عليه في فترة طيشه وسفهه، ومن النادر أن تجد شخصاً ليس لديه أخطاء في حياته أو دروس إن لم يكن في حكم المستحيل. الحياة مدرسة والمدير فيها الزمن، فتمر الأيام ويموت أناس ويحيا أُناس، فالزمن سائر بك أو بغيرك لا محالة. فيا سعادة مَن اختصر حياته بالدين والطاعة وجعلهما منهجاً ونبراساً لحياته، ويا أتعس من خالف ذلك باتباع الهوى واللهو. إن اختلاف الناس في البحث عن السعادة جعل الحكماء والعلماء يستحقرون الحياة، وجعل العقلاء يضحكون على السفهاء. وفي الحقيقة إن اختلاف الآراء أفسد الود، وأصبح من المستحيل أن يتفق الناس على رأي، وبخاصة العرب الذين هم في يوم من الأيام حكموا العالم. إن مشكلة العرب تكمن في الخوف من الفشل، وبالتالي بدأ اليأس يدبّ في أوساط الأمة والبحث عن الراحة بأي طريقة ولو كانت على حساب أغلى ما يملكون، فالركون إلى الراحة أفقدنا الشعور بالعزة والفخر، فحالنا دائماً إلى الأسوأ، والعالم يتقدم في العلم ونحن ما زلنا نناقش أموراً لا فائدة فيها. لقد فقد العرب كل شيء إلا الدين، ولو فقدناه لأصبحنا في عداد الأموات وأصبحنا تبّاعاً للغرب، فلو دخلوا جُحر ضبّ لدخلناه، مع أن قدوتنا ما يزال عالقاً في أذهان أعدائنا أنه الرسول صلى الله عليه وسلم نور البشرية وزعيم الأسود. لقد جعل الغرب يحترمونه ويضعونه ضمن أقوى العقول المؤثرة من مائة شخص، وهو في الحقيقة الأول بينهم مع أنه مضى على وفاته أكثر من ألف وأربعمائة عام. إلا أن الترشيح لم يمهلهم كثيراً في البحث عن الأسبقية، والأول معروف وأشهر من نار على علم. قدوتنا أمرنا بالتفاؤل في جميع شؤون حياتنا، إلا أن التشاؤم أصبح من سمات العرب، فلقد سئموا التفاؤل في هذا العصر الكئيب، حتى اللغة سُلبت منا وأصبحنا ندرس لغة لم يمرّ على إنشائها أكثر من مائتي سنة، وأصبحنا نُلزم على دراستها على أنها لغة قوّاد العالم. فواأسفاه على العالم الثالث المخدوع، ولا أريد أن أقول: العالم الذليل. يا ترى هل سيأتي اليوم الذي أرى فيه الإسلام في أوج نصره وقوته وتفاؤله؟! أودّ ذلك وأرجو أن يكون قريباً. هذه همومي، فيا تُرى هل هذه هي هموم كل مسلم؟ ما هموم بائع الحليب أو بائع الأغنام أو بائع الأقمشة أو الإسكافي؟ هل يحملون همّ هذه الأمة؟ من المفترض أن يكونوا كذلك، وإن لم يكونوا كذلك فهذا هو الأحرى بهم.
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية / القصيم
|
|
|
| |
|