| |
وضعنا الصحي.. إلى أين؟! د. عبدالإله ساعاتي / جامعة الملك عبدالعزيز بجدة
|
|
يعتمد استشراف مستقبل الوضع الصحي في أي مجتمع على متغيرات صحية لها أبعادها الاقتصادية والاجتماعية.. تماماً كما يعتمد على دراسات موضوعية للمؤشرات الصحية الحيوية وتطورات الوضع الصحي في البلاد. والواقع أن ما حققه العالم من تطور في الطب والخدمات الصحية خلال العقود القليلة الماضية تجاوز في نظر الكثيرين من العلماء والمفكرين الإنجازات التي حققها العالم في قرون مضت.. فالخدمة الصحية تعتمد اليوم على تقنيات عالية ولكنها في ذات الوقت عالية التكلفة.. وذلك ما يعرف ب High Tec.-High cost أي تقنية عالية - تكلفة عالية. والمتوقع أن تزداد التقنيات الطبية تطوراً وتبعاً تزداد التكلفة.. وهذا يعني أن تكلفة الخدمات الصحية سوف تستمر في التصاعد.. الأمر الذي يستدعي البحث عن آليات مناسبة لتمويل الخدمات الصحية. ومن المؤشرات الصحية الحيوية التي يعتد بها في تحديد المستقبل الصحي للمجتمع.. متوسط مأمول الحياة Life Expectancy. حيث يبلغ المتوسط العالمي حالياً (72) عاماً بينما كان في عام 1955م (48) عاماً ومن المتوقع أن يصل (82) عاماً في عام 2025م. وإذا كان نحو 45% من سكان المملكة هم دون سن 15 سنة حالياً فإن المستقبل ينذر بتحول ديموغرافي يتطلب تخطيطاً صحياً منهجياً يوفر نوعية الخدمات الصحية التي يحتاجها المسنون، وللأسف فإنه لا تكاد توجد لدينا خدمات صحية للمسنين حالياً بالمفهوم المعروف عالمياً لهذا النوع من الخدمات. كما أن من المؤشرات الصحية الحيوية معدل وفيات الأطفال.. فلقد انخفض عدد وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات على مستوى العالم من 21 مليوناً في عام 1995م إلى 8 ملايين حالياً.. ومتوقع أن يصل إلى أقل من (5) ملايين في عام 2025م. وفي المملكة انخفض معدل وفيات الأطفال من (150) ألفاً في مطلع الثمانينيات الميلادية إلى (27) ألفاً حالياً. إن ارتفاع متوسط العمر المأمول وانخفاض معدل الوفيات وارتفاع معدل الخصوبة في مجتمعنا يعني معدل نمو سكاني مرتفع.. ولذلك فإن معدل النمو السكاني البالغ 3.7% سنوياً في المملكة يعد من أعلى المعدلات على مستوى العالم. وإذا كان عدد سكان المملكة حالياً 22 مليون نسمة فإن الإحصائيات الرسمية تقدر أن يبلغ عدد سكان المملكة في عام 2025م (40) مليون نسمة. وبناء على ذلك فإنه يتوجب التخطيط الصحي العلمي المدروس لمواجهة التحديات وتلبية الاحتياجات الصحية المستقبلية لهذا الحجم من السكان.. ويتبع ذلك بحث ودراسة وتحديد البدائل المناسبة لتمويل تقديم هذه الخدمات. وأخيراً يحضرني ما قاله الدكتور (هافلدان ماهلر) المدير العام السابق لمنظمة الصحة العالمية في هذا الصدد حين قال: (إن التخطيط العلمي المبكر في المجال الصحي هو الذي يمكِّن من مواجهة المتغيرات والتحولات المستقبلية ويمكِّن من تفادي الأزمات). ولا بد لنا في الختام أن نتساءل.. ماذا أعددنا لمواجهة هذه التحديات المستقبلية الكبيرة؟!
|
|
|
| |
|