| |
(حوار الأمنيات)
|
|
مقاطع شعرية من طفلة.. وقطع في قلب أبيها يا أبي يا حبيبي ويا مَنْ أوسد رأسي على راحتيهِ وأشكو إليه زمان التجني أبي يا أبي لكَ العمر إن بخل العمر بالأمنياتِ انتشلني من دموعي ومن (قلق الريح تحتي) * * * أبي لا أريدك إلا حبيباً أواعده مثلما يفعل العاشقونَ أعانقه حينما نلتقي أقبّله قبل أن نفترق وأحنو عليه إذا الحزن بلله وأرضيه إن أغضبته الليالي * * * أريدكَ أن تنتشي حين أدعوك (بابا) وأكسر نظارتيك وأخلع سترتك المخملية أركض مثل الغزال وتتبعني ماشياً تلك أمنيتي يا أبي.. تمنيتُ إن صِحتُ في غرفتي أن تقول: (نعم) تمنيتُ يوماً إذا ما خرجتُ من البيتِ ترقب عيناك خطوتي العاثرة لماذا إذا ما صحوتُ من النوم ليلا لا تقول: (اهدئي يا ابنتي)؟؟ * * * أراكِ كما أنتِ يا أجمل الأمنيات التي بددتها حياتي أراكِ على بُعد قلبين من ذكرياتي أنا أقرب الناس حقاً إليك وإن كنتُ أغفو بعيداً افتحي شرفة للصباح ونافذة للندى ستلتقين وجه أبيك على الشمس متكئاً يقرأ الشعر يتلو لعينيك قصة ليلى وما فعل الذئب فيها هناك على أفق مائل للهدوء جلستُ لأحرس يومك من صبوات النهار * * * سأبحث في شعرك العذب عن عاشقاتك عن كل ما خبأته القصائد من قصص للعذارى وعن سر حزنكَ عن غزل مفعم بالجنون وعن سيرة كتبتها لك الشمس بين المدى والفيافي سأبحث في كل حرفٍ لأعرف من كان يهوى أبي فتاريخ عينيك في كل قافية سطرتها يداك * * * لعبتي لا تجيد الكلام ولا تقرأ الشعر لا تسأل الليل عما يخبئه للصباح ولا تعرف الدرب نحو الحديقة تنام معي دونما قبلة أو عناق ولا تشتكي همها مثلما يفعل الأصدقاء * * * تعال إلي فما عدتُ أعرف من مفردات اللغات سوى ما يقول أبي تعال إلي ليخضر قلبي وينعم صدري بدفء يديك وأكبر في حضنك الرحب أنمو كصفصافة تشرب الماء من شفتيك ربيعي انقضى بالدموع وما أمطر الحب في أرض قلبي مذ كنت قربي تعال إلي فبيني وبينك جرحان جرح لأمي وجرح سأشفيك منه وأعطيك قلبي لكي يندمل * * * عندما تكبرين كما يكبر الورد بين الندى والمطر أشيخ وتهرم في شفتي القوافي أفتش عن نخلة زرعتها يداي على ساعديكِ لأكتب في سعفها ذكرياتي عندما تكبرين سيدرك قلبك أن أباك سعى بيديه إلى حتفه وانتهى مثخنا بالجراح عندما تكبرين ويلتم صحبك حولك قولي لهم ما يقول الخريف لأوراقه حين تسقط كان أبي نائما ذات يوم على العشب لم ينتبه لسقوط الخريف! * * * وحين تنامين بين يدي ويرفل جفنك أبكي كما تفعلين إذا سقطت من يديك الزهورُ أتحرق شوقا إليك وأعلم أن الطريق إليك بعيد وأنك عمري الذي ضاع في غفلة من شعوري وبيني وبينك بحر من المستحيل فعل تغفرين ذنوبي التي لم تكن من ذنوبي؟!! * * * إذا منحتكِ الحياة دقيقة حبّ قفي فوق قبري قليلا اقرئي قصتي وقصائد شعري التي كتبت للنساء اللواتي مررن بقلبي سريعاً ضعي فوق قبري يداً من حرير وأغنية للرثاء ومنديل عطر لأشتمّ رائحة الحب بين التراب وبين العدم وتتلو شفاهك سورة حزني اكتبي فوق شاهدة القبر (هذا أبي آخر الشعراء الذين مشوا فوق جثتهم ثم صاروا ركاماً يهيمون فقي كل وادٍ يبيعون للريح شعراً ولا يقبضون سوى أمسيات كئيبة) * * * أما آن يا أبتي أن أراك بغير منامي؟ أما آن أن أستفيق على صوتك العذب كل صباح؟ أما من مكان تبقى لحزن ابنتك؟ ألا يترك العمر فسحة شعر لنا لنكتب ما يضمر القلب من خلجات الهوى والفراق؟ * * * أنا طفلة تشتهي أن تضم أباها وأن ترتدي من يديه الملابس والحلي أن ترتمي في الظهيرة بين يديه على صدره حين يرجع من يومه متعباً ليحملها (أبي جاء) باللمساء المعذب حين يهب من الشرق صوتكَ هل جئت حقا؟! يقولون في العيد يأتي أبي وفي الصيف يأتي أبي وفي كل أغنية سوف يأتي يمر بي العيد والصيف والأغنيات ولا زال باب اللقا موصداً دوننا فأبكي وأمنيتي أن أصيح (أبي جاء) يا للصراخ الذي لا يحب الصدى! * * * أبي أناديكَ هلا وقفت أمامي (دقيقة صمتٍ) لعلي أحس بما تشعر البنتُ إن رافقتها عيون أبيها توقف قليلا عن الحزن دعني أكفكف دمعك خذ ما تشاء من الكون خذ لعبتي، دفتر الرسم، فستان عرسي وهبني دقيقة صمت! دقيقة صمت فقط!
شعر: سليمان منذر الأسعد
|
|
|
| |
|