| |
البُعد الوجداني في رسالة الإعلام إبراهيم المعطش (*)
|
|
لا يمكن أن يتصور المرء أن رسالة الإعلام تتمثل فقط في نقل الأخبار، والتسلية والترفيه؛ ومن ثم الإعلانات والمسابقات والمكاسب المالية، وما دام أن المشاهد هو المستهدف من كل برامج الإعلام، وخصوصاً المرئي منها الذي يجد من المتابعة والاهتمام ما لا يجده غيره من الوسائل المختلفة، فإن الحرص على مراعاة وجدان هذا المشاهد يصبح أمراً ضرورياً وحتمياً، ومراعاة وجدان المشاهد تكون من عدة أوجه، أبرزها تشجيع العمل الإنساني الخيري، وتغطية فعالياته، ونقل أخباره بما يزكي في النفوس التفاعل مع هذا النوع من النشاط، ثم عدم استفزازه بعرض ما يسيء إلى علاقاته الإنسانية أو يسعى إلى التأثير السلبي في تلك العلاقة. فالبرامج التي تحمل نوعاً من الانصراف عن الهموم والقضايا الأساسية للمشاهد، أو التي تشير إلى نشر المفاهيم المضادة لثقافة وحضارة وتقاليد المشاهدين، كلها تغذي روح التنافر بين الإعلام والمشاهد؛ فالعلاقات الإنسانية وتعاطف الشعوب مع القضايا المصيرية للشعوب الأخرى يدخل في خانة الوجدانيات التي يلزم الإعلام مراعاتها وعدم المغامرة بها، وهي من أسس إحكام العلاقة بين الطرفين. هل يراعى إعلامنا العربي هذه العلاقة ويحترمها جيداً؟ وهل يفسح مساحات رحبة للأعمال الخيرية والإنسانية من خلال متابعة برامج الجهات التي تسعى في هذا الجانب، وإبراز التحقيقات واللقاءات المتعلقة بذلك، بل الحرص على البرامج والفقرات والمسابقات التي تشجع على تنمية هذه الروح؟ إن الجانب الوجداني ذو أهمية قصوى في حياة الشعوب، وخصوصاً المشاهد العربي الذي تنبني ثقافته وحضارته على التكافل والتعاون بين الناس. وإذا كان الإعلام لا يخاطب الوجدان فماذا يخاطب؟ لقد ثبت بالدليل القاطع أن مخاطبة الغرائز والشهوات والعاطفة الجياشة ليست من صنع أيدينا ولا من الوسائل التي تحقق تقدمنا، فلماذا نصرّ على التقليد الأعمى؟ لماذا لا تكون لنا شخصيتنا الإعلامية المميزة وهويتنا الواضحة التي ترمي إلى أهدافنا الواقعية كما يرمي الآخرون إلى أهدافهم دون خجل أو مجاملة؟ ألسنا أصحاب هوية وقضية ورسالة وثقافة رائدة وقوية وعميقة يحسب لها الآخرون ألف حساب؟ أين إعلامنا العربي من هذه المفاهيم؟ يبدو أنه في حالة سبات عميق فمن يوقظه يا ترى ويبصره بجادة الدرب؟ المتلقي العربي في حالة استغراب شديد من عدم مراعاة إعلامه لهذا الجانب الأساسي في نفسه والمهم في العلاقة بين الطرفين.
(*) الرياض
|
|
|
| |
|