| |
ليست جميلة ولكنها!! فايز بن ظاهر الشراري
|
|
سعاد فتاة مثقفة وذكية، ولكنها تبدو دائما حزينة فهي لم تحظ بكلمات الإعجاب والثناء من أحد، ولم تجد ذلك الاهتمام الذي تطمح إليه الذي يرسم لها شخصية تميزها عن غيرها، فهي لاتمتلك الجمال الذي طالما رأته في صديقاتها اللاتي يتمتعن بجمال فاتن، فصديقاتها يملكن مقومات الجمال كالبشرة المضيئة الفاتحة والعيون الواسعة والشعر الناعم والرشاقة التي تطمح إليها كل فتاة، ولكن وللأسف فسعاد لاتمتلك تلك الصفات التي أصبحت من معايير الجمال في هذا الزمن!! لهذا فهي - وبنظرها - لم تجد من يهتم بها!! فآثرت الانطواء والابتعاد عن المجتمع. سعاد تبدو حزينة ومتوترة دائما وخصوصا عندما تلتقي بصديقاتها في الجامعة أو حتى عندما تكون هناك مناسبة تجبرها على أن تلتقي بفتيات وسيدات يهمهن أمر الجمال. سعاد لم تتزوج بعد، وهي تعتقد بأن السبب وراء ذلك هو عدم امتلاكها لمعايير الجمال، تلك المعايير التي يراها المجتمع في حدود ضيقة. يتصل الهاتف النقال الخاص بسعاد، أنها صديقتها تطلب منها أن تصمم برنامجا على جهاز الحاسب الآلي لشقيقها فهو يدرس الهندسة ويريد أن ينسق مشروعاته وأفكاره في برنامج يناسب تلك الأفكار، سعاد على دراية كاملة في التعامل مع الحاسب الآلي وتصميم البرامج، وافقت سعاد وبعد أيام أعدت البرنامج وسلمته لصديقتها، وفي اليوم التالي اتصلت صديقة سعاد تشكرها على هذا التصميم وتبلغها تحيات أخيها وشكره لها، شعرت سعاد بسعادة غامرة وهي تسمع عبارات الشكر والثناء من شقيق صديقتها، فقد كانت تحلم بأن تسمع مثل هذه الكلمات، التي طالما سمعتها ولكنها تكون موجهة لإحدى صديقاتها الجميلات وهن يسعدن بكلمة ثناء أو مديح من هنا وهناك. سعاد على صداقة حميمة بإخصائية اجتماعية، رتبت سعاد موعدا لزيارة هذه الاخصائية، ذهبت سعاد إليها وفتحت لها قلبها وشكت لها حالها مع الجمال الذي تفتقده، تحدثت إليها الاخصائية الاجتماعية بأن عليها أن تصنع لها معايير جمال تتباهى بها أمام صديقاتها وأن عليها استثمار ما تتمتع به من مواهب وسلوكيات لا تتوافر لدى صديقاتها، وذلك لكي تبرز مواهبها وما تتمتع به من صفات لتكون مقابل ما تتباهى به صديقاتها من معايير الجمال الشكلية! لم تفهم سعاد ما كانت تقصده هذه الاخصائية الاجتماعية فطلبت منها التوضيح أكثر. بدأت تلك الاخصائية تسأل سعاد عن مستواها الثقافي فوجدت أن سعاد تتمتع بثقافة رحبة وأنها على دراية ومهارة في التعامل مع الحاسب الآلي وتصميم البرامج، طلبت الاخصائية من سعاد أن تظهر مهاراتها لصديقاتها، وأن عليها إبراز مخزونها الثقافي واستغلال المناسبات والاحتفالات لكي تظهر لصديقاتها ولمجتمعها مدى ما تتمتع به من ثقافة وفن الحديث والتخاطب مع الآخرين. عادت سعاد إلى بيتها فرحة بما سمعته من الاخصائية الاجتماعية، وسعدت بما تمتلكه من مواهب قد لا تتوافر لدى كثير من صديقاتها اللاتي لا يملكن سوى الجمال الخارجي فقط! أصبحت سعاد تحرص على حضور المناسبات والالتقاء بصديقاتها وبالمجتمع، وفي إحدى المناسبات التقت سعاد بصديقاتها وبمجموعة من السيدات من خلال حفلة أقامتها إحدى قريباتها، جلست سعاد مع الحاضرات وبدأت تشاركهن الأحاديث، الجميع أعجبوا بما تتمتع به سعاد من ثقافة واطلاع، فهي تشارك في كل موضوع يتم طرحه وكشفت عن مواهبها، وعن إتقانها التعامل مع الحاسب الآلي واستعدادها لتقديم المساعدة لصديقاتها في مجال الحاسب الآلي، وجدت سعاد الثناء من الجميع وبدأت تسمع كلمات الإعجاب، عادت سعاد إلى غرفتها وبدأت تستذكر كلمات الثناء والإعجاب التي حظيت بها في حفلة الليلة، بدأت سعاد تتأمل شخصيتها فعرفت أنها تستطيع جذب انتباه الآخرين وأن تحظى باهتمامهم، وأن الجمال وحده ليس السبيل الوحيد لنيل إعجاب وثناء الناس، وأن الفتاة تستطيع أن توجد البدائل لهذا الجمال الذي تفتقده، وذلك بإبراز جمال العقل والموهبة وجمال المنطق وحسن التخاطب والتعامل مع الآخرين، فهذه معايير جمالية لا يمكن طمسها أو حجبها أو التكتم عليها، وهي معايير تضاهي معايير الجمال الشكلية التي تنحصر في جمال الوجه والعيون والشكل الخارجي. الهاتف النقال يتصل ترد سعاد إنها إحدى صديقاتها تعرض عليها الزواج من شقيقها الذي حدثته عما تتمتع به سعاد من صفات كان يبحث عنها في شريكة حياته، فتبتسم سعاد وتشعر بسعادة غامرة.
fauz11@hotmail.com |
|
|
| |
|