| |
ابتسمي على رغم ضباب الأحزان وسمية الحربي - الرياض
|
|
كلمات مواساة للصديقة البندري المطيري في وفاة والدها رحمه الله. مرفأ: ترحل الأرواح وتفنى الأجساد وتستمر الحياة ولا يبقى بعد من فقدنا إلا الذكرى. لا أعلم ماذا أكتب لكِ.. لحظات صعبة أصفها.. مشاعر لا تستطيع التعبير.. موقف صعب، والأصعب أن صاحب الموقف ليس كأي إنسان، نعم إنسان حفر اسمه داخل قلبك بل جعله وشماً في حياتك. أختي البندري.. صبراً على الألم؛ فإن الصابرين لهم بشرى من عند خالقهم، لهم الجنة التي عرضها السماوات والأرض.. صبراً على أيام الشقاء التي ستبدأ معك.. صبراً على الحياة وجراحها. أختي.. أعلم أن قلبك يتقطع عندما تسمعين كلمات العزاء القوية، وأن عينيك تذرف بحوراً لا دموعاً على رحيله، وأعلم أنك لا تريدين أن تنطقي أحقاً والدي مات، وأعلم أيضاً أنك بين الحقيقة والشك، بين مصدّقة بأمر الله وبين مكذبة للحقيقة المرة.. كلا أختي، هذا حال الدنيا، وهذه هي الحياة، لا أحد يستطيع أن يذكر حقيقة الموت المُرة والأليمة، نعم كلنا سنموت، وكلنا راحلون عن هذه الدنيا الفانية.. قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. يعلم الله أن بي من الحزن ما بك، وأن قلبي ينزف ألماً عندما سمعت نياح الشرايين وجفاف الأوردة من مصابك الجلل، ليس لأنني عايشت الموقف، لا والله يشهد على ما أقول، بل لأن صدمة الخبر جعلتني أكذبه تارة وأستغفر الله وأيقن الخبر تارة أخرى.. لهذا أختي أحببت أن أعزيك بكلمات علّها توصل لك ما لم أستطع قوله في تلك اللحظات.. إن الله عز وجل إذا أحب عبده ابتلاه بالمصائب حتى يعرف مدى إيمان هذا العبد وقدرة تحمله، وأنت إن شاء الله ممن أحبهم الله حين ابتلاك بموت والدك، فاصبري حتى تظفري بمحبة الرحمن أكثر، كوني جبلاً صامداً أمام تيارات الهموم والذكرى بعده، كوني مبتسمة أمام والدتك على رغم ضباب الأحزان، اجعلي من ذكراه العطرة مدرسة ترجعين إليها إذا زاحمتك متاعب الحياة، اجعلي حبه للخير يجعلك تتباهين أمام الجميع بأن والدك كان محباً للخير حتى لحظة وفاته، لا تتعبي مشاعرك بالتفكير عندما يطلقون عليك يتيمة.. كلا، بل اجعلي هذا اللقب وساماً لك؛ لأن رسولنا وقدوتنا كان يتيماً. أخيراً البندري، أتمنى أن كلماتي لا تخذلني أمامك في هذا الموقف، وأنها أوصلت لك شيئاً مما أودّ إيصاله، كما تمنيت أن أرتب لك كلمات جديدة من لغة جديدة، ولكن خانتني الحروف؛ لأنه لا يوجد إلا هذه الحروف الأبجدية في جميع المناسبات والأحزان؛ لهذا لن أقول لك: إنه مات، كلا بل ما زال حياً بوجودك ووجود إخوتك، بذكركم له، فالدموع لن تعيده والبكاء لن يغير من حياتك شيئاً، لكن غيِّري من حياتك بالصدقة عنه، بالدعاء له، خفِّفي عن والدتك، واسي عمتك، ذكّري أخواتك بالصبر وأن هذه أقدار الله. اللهم ارحم والدها، وأسكنه فسيح جناتك، واجعله ممن يمرّون على صراطك المستقيم بسلام وأمان منك يا رب العالمين.. كما أسأله سبحانه أن يجمعك معه في دار كرامته على سرر متقابلين.. اللهم آمين. فعظم الله أجرك وأجر جميع أفراد أسرتك، وألهمكم الصبر والسلوان. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
|
|
|
| |
|