| |
أما آن الأوان أن تُفَعَّل مهام وزارة التخطيط؟!
|
|
قرأت في جريدتكم الغراء في العدد رقم 12423 بتاريخ الثلاثاء 11 رمضان الموافق 3 أكتوبر 2006م التصريح الذي أدلى به اللواء فهد البشر عن الدراسة التي أعدتها الإدارة العامة للمرور لمواجهة مشكلة الزحام والحل الجذري لها. أقول وبالله التوفيق: إن مشكلة الازدحام مشكلة كبيرة يعاني منها جميع فئات المجتمع سواء أثناء قيادة المركبات على الطرقات العامة أو اثناء التسوق لدى المجمعات التجارية أو زيارة المستشفيات والمراكز الطبية أو نقل الأبناء من بوابات المدارس أو لدى البنوك والمصارف المحلية.. إذن الازدحام لا ينحصر على الطرقات أو عند إشارات المرور وإنما الأمر أكبر من ذلك بكثير. إذن عرفنا أن مشكلة الازدحام ظاهرة موجودة لدى جميع القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة، إلا أن تلك الظاهرة ليست بسبب وجود المجمعات التجارية أو بسبب تناثر المدارس الأهلية على أرصفة الطريق والمتلاصقة مع جدران المنازل أو بسبب محدودية الوظائف الشاغرة أو محدودية مقاعد الكليات لدى الجامعات المحلية.. وإنما تنبع من مشكلة عدم تبني وزارات الدولة مسؤولية التنسيق المباشر مع وزارة التخطيط قبل الشروع أو المباشرة في تنفيذ أي مشروع من مشاريع البنية التحتية، هذا فضلاً عن عدم الوضوح في المهام الرئيسية لدى وزارة التخطيط وإلا لتصدت وزارة التخطيط لجميع الوزارات في تنفيذ مشاريعها التنموية التي لا تتوافق أو تتعارض مع خططها والأهداف الموضوعة للفترات القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل. وكما يعلم المختصون ولا سيما رجال الاقتصاد فإن من أهم مسؤوليات وزارة التخطيط متابعة مشاريع البنية التحتية والمنفذة من خلال الوزارات المستفيدة وذلك وفقاً لمعايير وبيانات تتقيد بها وزارة التخطيط بحيث يتم مساءلة الوزارات التي لم تباشر بتنفيذ مشاريعها أو التي تأخرت في إنهاء المشاريع المخطط لها في الوقت المحدد له. وكما هو ملاحظ فإن غياب دور أو إهمال الجانب الرئيسي من مسؤوليات وزارة التخطيط ساعد على بناء قواعد البنية التحتية بطريقة تتصادم مع قواعد البنية التحتية المختلفة وبالتالي فإنه لا بد سينتج عنها مشاكل كثيرة مثل مشكلة الازدحام وغيرها من المشاكل. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فإن من الملاحظ أن وزارة التخطيط كانت ولا زالت لا تمتلك المعلومات والبيانات الداعمة والموجهة لمشاريع البنية التحتية، وهذا ما دفع الوزارات الاخرى والجهات الرسمية الى عدم التنسيق مع وزارة التخطيط؛ ما اضطر الوزارات والجهات الرسمية إلى اجتهادات بدافع الحرص وتقديم أفضل ما لديها من إبداعات لخدمة المواطن والمجتمع على حد سواء، أو قد يتعدى الأمر إلى التزام بعض الجهات الرسمية بإيجاد حلول لمشكلة ليست من صميم مسؤولياتها وإنما من دافع وطني وأيضاً لتتجنب مسؤولية عدم القدرة على تقديم خدماتها بالشكل المطلوب أو لتتجنب أي إخفاقات في مهامها المنوطة اليها. وإن الدراسة المقدمة من قبل الادارة العامة للمرور خير مثال لحل مشكلة الازدحام على الطرق العامة من ناحية وكذلك من أجل أن تتمكن إدارة المرور من تأدية واجبها بالشكل المطلوب وبدون اخفاقات من ناحية أخرى. إذن على من تقع مسؤولية الازدحام ونتائجه السلبية؟ إنه سؤال يستحق أن يعلق عليه كل مواطن يخلص لهذا البلد ولحكومته أعزها الله.. فمن واقع خبرتي وكأحد رجالات الاقتصاد فإن المشكلة تقع على عاتق وزارة التخطيط، ولكن هذا لا يعفي باقي الجهات المختصة إذ إنها لو عملت بمبدأ مساءلة وزارة التخطيط بالمشاكل التي تواجهها فإن ذلك لا بد أن يقود المشاكل إلى أن تتلاشى حتى تصبح شيئا لا يذكر. خير امثلة على ذلك: لو اعترضت إدارة المرور على وجود المدارس على أرصفة الطريق عندها لتضافرت كل من وزارة المعارف ووزارة التخطيط على تحديد عدد المدارس التي يجب أن تتوافر في العام الواحد أو الأعوام الخمسة القادمة ضمن مواقع مناسبة ومخصصة لذلك، عندها لا أظن ستواجه إدارة المرور أي اختناقات مرورية أثناء وقت انصراف الطلاب. ولو اعترض ديوان الخدمة المدنية على عدم قدرته في مواكبة توظيف الاعداد المتقدمة إليه في الوقت المقرر له عندها لا بد ان تتضافر جهود كل من وزارة التخطيط والجهات ذات العلاقة بالتقاعد لتقليل فترة الخدمة خصوصاً لدى شريحة التدريس وذلك لإعطاء فرصة لكوادر اخرى في المساهمة وتقديم ما لديها من خبرات.. ليس هذا فقط وانما ستتجدد الدماء في الكوادر التعليمية وستساهم بالتالي في تحسين مستوى التحصيل العلمي.. وهذا كما معمول به في دولة اليابان. وهناك الكثير والكثير من الأمثلة والمشاهدات لو التزمت بها الجهات ذات العلاقة عندها لا نحتاج إلى ما يسمى بالاجتهادات والمبادرات غير الملزمة وغير المطالبة بحل مشاكل من المفترض أن تتلاشى مع خطوات التطور والتقدم الحاصل على مستوى العالم. وقبل أن أختم هذا المقال، فلا بد لنا من وقفة على ضرورة إحياء وزارة فعّالة مثل وزارة التخطيط؛ إذ مسمى هذه الوزارة ليس كافياً أن يكون معلقاً على أحد المباني ما لم تكلف بكل مهامها والمسؤوليات الخاصة بها كمثيلاتها الموجودة في الدول المتقدمة التي يعتبرونها حجر الأساس في رقي الدولة الاقتصادي والعمراني والخدمي.
حسان بن زكي الوطبان -الاتصالات السعودية
|
|
|
| |
|