| |
د. التويجري في مداخلة على مقال رئيس التحرير: طرحكم احتوى الكثير مما يهم الناس والحرية حتى «الصدى» يبكي من أجلها
|
|
سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك حفظه الله رئيس تحرير صحيفة (الجزيرة) يسرني وعيدنا على الأبواب أن أبارك لأخي زمانه، وما أتاح من الصحة وطول العمر لكم بكرم من ربي عز وجل، والتهنئة لمعنى جريدة الجزيرة يثير إعجابي وسروري أنها ليست ذات طابع روتيني بالإخراج، وهذا إبداع له أثره على من يقرأ، حبذا لو أضيف بعض من التعقيب الذي يلي كل مقال. وفقكم الله - ف(الجزيرة) بخير بقدر هذا الزخم من جانب أخي. أستأذن أخي من منطلق الحوار الأخوي أن أشير إلى مقالكم (حول حرية الإنسان في وقته وراحته - بهذا المعنى)، ولا شك أن هذا الطرح بم احتوى يهم الكثير من الناس حول إشكال اجتماعي، وهذا له تفاصيل قد نتحدث عنها في القادم من الأيام. ولست من حول المقال معترضاً أو ناقداً بشيء، ولكنها فرصة رغبت معها أن أقول رأياً حول مفهوم ووجود الحرية. يا سيدي.. إن الحرية تئن وتشتكي من كثرة ما نرددها حتى الصدى يبكي من أجلها - لا وجود للحرية؟ لا وجود للحرية إلا بقدر ما ندرك من قيد يكبلها، ولا أظن أن محاولة الفهم أو الممارسة إلا من خلال تحليل ما وراء الكلمة والمعنى - إنه القيد - وكما قيل بضدها تتبين الأشياء، فمعرفة القيد ومن خلاله نعرف الحرية ومكان وجودها، والأقرب لمحاولة التحليل أن نعرف القيد قبل أي تفاصيل أخرى تتعلق بالحرية فأمره غالب. وقد قال الفاروق رضي الله عنه: (متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً). إنه قول صحيح؛ فالمولود لحظة ولادته حر ولا شك في ذلك، ويكفي أنه تحرر من قيود الرحم، والفاروق رضي الله عنه لم يقل ولدتهم أمهاتهم ليكونوا أحراراً. ويقال إنك حُر بالحد الذي تبدأ معه حرية الآخرين، وليس في هذا ما يعرف الحرية بقدر ما يتناوله عن سلوكنا معها. ولنا مع الحرية في أنفسنا وأجسادنا وغرائزنا، وما حولنا من طبيعة جامدة أو حية قيد يتيح للحرية من الحركة والفعل وفق قانونه، وهذا المنهاج يرضى به القيد وإن لم نرضَ به. فمع الطبيعة الجامدة لنا حرية باتقاء ما يصدر عنها بما لا نحب، ولكن ليس متاحاً أن نفعل شيئا يغير، أو يمنع ما يصدر عنها فنتقي البرد أو الحر، ولكن القيد مانع لنا فيما هو أبعد من ذلك، والرياح تعصف بنا وبما حولنا، ولا حرية لنا تؤثر بشيء. وعلى مستوى الغرائز فالمأكل والمشرب وظيفة للحياة، متاح أن نختار ما نأكل غير أن القيد يسأل - هل ما نريد موجود؟ وهل لدينا المال لتأمينه؟ وأبعد من ذلك أن أحدنا يضع اللقمة في فمه، وتنتهي بذلك مساحة الحرية. فلا قدرة لنا أن نوجه مسار هذه اللقمة، إنها تجري في مسارها حتى ولو شكا أحد منا من ألم في البلعوم أو المريء سابق أثره، وليس بأثر اللقمة. والإنجاب قيد الزواج، والزواج تفاصيل المجهول فيها غالب على ما نعلم، فقد نختار الزوجة بدافع أو آخر، وقد تستمر هذه الزيجة أو لا تستمر؛ والسبب في ذلك القيد. فما نود معرفته عن الزوجة، أو نود هي أن تعرفه عن الزوج غير متاح بكامل تفاصيله، حيث الحرية لا تمكن أحدهما أو كليهما من اقتحام مساحات القيد، وإن اختلف من مجتمع إلى آخر. وفي الغابة وحوش مفترسة، فإن ساقني الحظ بوجود معها، فالطبيعة فيما بيننا افتراس مؤكد، وأسارع لأبحث عن مخرج بحريتي فتسرع خطاي هرباً فيحكم القيد بنتائج نعرفها. عزيزي الأخ.. ما سبق ملامح وإشارات بتصور عام، ولا أظن أن هناك خلطا بين الأوراق فيما هو أقدار وطبع للطبيعة وأمر الحرية. فما نحن بصدده يتناول المجرد، وأخي يعرف منهاج هذا حين التفكير والاستنتاج، وما أردت بذلك إلا الحوار، وما قلت به لا يتعرض إلى شيء قلت به أنت أو ستقول به. مع حبي ودعائي المخلص، ودمتم بخير.
د. عبدالمحسن بن عبدالله التويجري
|
|
|
| |
|