| |
دعوة خيرة في العيد المبارك
|
|
يأتي العيد فتمتلئ نفوس بالأمل، كيف لا وهي قد أكملت للتو الشهر الكريم واستجابت للأمر الرباني بصومه وقيامه وإعمار أيامه بالقربات والصدقات، ومع كل الفرحة الطاغية يظل هناك ما يثقل النفوس بسبب المنغصات التي يعاني إخوة لنا شاركونا الصيام والقيام، لكن ظروفهم حالت دون المشاركة في هذه الفرحة بالعيد السعيد. صحيح أن عشية العيد تحقق إنجاز إسلامي يؤمل أن يسهم في إسدال الستار على المأساة العراقية، وذلك ما تمثل في النقلة الكبيرة التي حققتها وثيقة مكة المكرمة الرامية إلى إنهاء الفتنة الطائفية في العراق ووضع حد لموجات التقتيل بين المسلمين, ويؤمل أن تجد هذه البادرة الكريمة الاستجابة من قبل مختلف الأطراف العراقية، وأن تمثل بادئة طيبة نحو التسوية، فإذا انتصر العراقيون على أنفسهم وكفوا أيديهم عن بعضهم البعض؛ فإنهم -لا محالة- قادرون على مواجهة المصاعب الأخرى، وما استهداف الآخرين لبلدهم إلا لأنهم رأوا ثغرات يمكن النفاذ منها لإحداث الفتنة بين العراقيين. وقد عمد نفر من العراقيين إلى التمهيد إلى تلك الثغرات متيحين للآخرين فرصة إعمال الفرقة في صفوفهم.. وقد أجمع علماء المسلمين في مختلف أنحاء العالم على أن الوثيقة تشكل الأداة المثلى للخروج من حالة التشتت العراقية وحقن دماء المسلمين، بل إنهم اعتبروها بمثابة فتوى لتحريم الاقتتال بين الإخوة. وفي غير العراق هناك حاجة إلى مثل هذه الآليات لتحقيق اللحمة الوطنية في أكثر من بلد مسلم, ففي فلسطين فإن الأوضاع اقتربت كثيراً من شفا حرب أهلية، وقد جرت بالفعل معارك في شوارع غزة بين طرفي الحكومة، وبات من الواضح أن شرخاً فلسطينياً كبيراً يأخذ في الاتساع، فالأزمة المستشرية باتت بالفعل تستوجب تدخلاً سريعاً حتى لا تغرق البلاد في دماء أبنائها وبرصاص أبنائها.. إن القوة المتولدة عن وثيقة مكة بكل ما حققته من نجاح ينبغي أن تكون محوراً أساسياً من محاور العمل الجماعي الإسلامي، وأن يواصل مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي هذا العمل الكبير الذي بدأه وأنجز من خلاله وثيقة مكة لوأد الفتنة في العراق، ففي فلسطين وفي غير بلد إسلامي هناك الحاجة الماسة لترتيب البيت الداخلي. ولتكن هناك محاولات مستمرة لتقوية الصف الإسلامي، ومن مكة المكرمة ذاتها التي رعت الوثيقة المعروفة باسمها، جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين إلى المسلمين بتحقيق اللحمة وإثبات الهوية، وذلك خلال مخاطبتهما المسلمين في العالم بمناسبة عيد الفطر المبارك. وتعتبر وثيقة مكة المكرمة ممارسة حقيقية لاستنهاض الهمم والنهل من التراث الإسلامي، وفي ذلك التزام بمقتضيات الهوية، وهو أمر ينبغي أن يتواصل..
|
|
|
| |
|