| |
الطب البيطري بين الواقع والمأمول أحمد ساير المطيري/ طبيب بيطري
|
|
الطب البيطري هو ذلك التخصص الذي يختص برعاية الحيوان وحماية الإنسان وحفظ البيئة، كما يهتم بغذاء الإنسان وطعامه، وحمايته من الأمراض والأوبئة. وهو في كثير من دول العالم المتقدم لا يقل أهمية عن الطب البشري بل إن كثيرا من الدول تخصه بعناية خاصة نظرا لأهميته وتأثيره في واقع الناس المباشر. ولعلي بعد هذه المقدمة المتواضعة أدلف إلى الموضوع الذي من أجله كتب المقال. يلاحظ في مجتمعاتنا العربية بل المحلية على وجه التحديد النظرة الدونية إلى خريجي كليات الطب البيطري وإلى المندمجين في تلك الأقسام، وما ذاك إلا لعمق الجهل وضحالة التجربة العلمية التي تعيشها بعض مجتمعاتنا، فالطب البيطري يعتبر علما وقائيا مهما يحفظ الله به مقدرات الاقتصاد الحيواني للأمم والشعوب. ويلاحظ أيضا انتقال تلك النظرة الدونية إلى المجتمع بمؤسساته الرسمية والعرفية فأصبح الطب البيطري طبا منسيا مهملا لا يهتم به ولا يلتفت إليه ولا يخص إلا باهتمام يسير. وليسمح لي القارئ الكريم أن أسوق شواهد على ذلك الكلام وأرجو أن يتسع الصدر لقبول ذلك: - يلاحظ قلة الوظائف المعدة لخريجي الطب البيطري وتأخر تعيينهم إلى مدة قد تمتد إلى سنتين مع أن زملاءهم في التخصصات الصحية والطبية الأخرى لا يتأخر توظيفهم. - عدد وظائف الطب البيطري الموجودة في وزارة الزراعة والأمانات والبلديات والمجمعات القروية قليلة جدا لا تكفي أحيانا لمشروع حيواني واحد في البلد وأحيانا يقوم الطبيب البيطري بالإشراف على مؤسسات مختلفة في وقت واحد وكأن ذلك الطبيب المسكين يملك عصا موسى. - يلاحظ أيضا أن الطب البيطري هو القسم الوحيد من أقسام الطب يعين موظفه على المراتب مع أن بقية أقسام الطب والعلوم الطبية والكليات الصحية والمعاهد الصحية يعينون على الكادر الصحي مع أن دراسة تخصص الطب البيطري خمسة سنوات. - بدل الضرر للطبيب البيطري هو فقط (مائتان وأربعون ريالا) رغم المخاطر العظيمة التي قد تحدث نتيجة الاختلاط مع الحيوانات، فمثلا مرض البروسيلا مرض معدي قد يؤدي في مضاعفاته إلى إصابة الإنسان بانقطاع النسل، كما يؤدي في بعض حالاته إلى الشلل وهناك أيضا مرض السل الخطير والأنفلونزا الشهير، وأكثر من 300 مرض مشترك بين الحيوان والإنسان، فهل يعتبر هذا البدل بدلا حقيقا مجزيا أمام تلك الأعراض والأمراض، أتمنى أن نقف وقفة متأملة أمام هذا الأمر. - يعتبر الطبيب البيطري من أقل الأطباء وجودا في الدورات وورش العمل فالدورات العملية وورش العمل في الأمانات والبلديات تكاد تكون معدومة، ويعتمد في كثير من الأحيان على المجهود الشخصي للطبيب البيطري في بناء نفسه وتوسيع أفقه ورفع قدراته وتطوير أدائه. وليكن هناك سؤال يطرح نفسه: ما هو دور الطبيب البيطري: - الحد من انتشار الأمراض المعدية التي تنتقل من الحيوان أو البيئة إلى الإنسان وذلك بالقضاء على مسبباتها. - الكشف على اللحوم داخل المسالخ للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي وإتلاف غير الصالح منها، وبهذه الطريقة يتم كسر المثلث الوبائي الخاص بالأمراض التي تنتقل عن طريق اللحوم إلى الإنسان. - الاشتراك مع الأطباء في وزارة الصحة بلجان دائمة لمكافحة التسمم الغذائي. - أخذ عينات دورية من جميع الأغذية والمشروبات المطروحة في الأسواق وإرسالها للمختبرات المتخصصة. - مكافحة الأوبئة والأمراض التي تهدد أو تقضي على الحيوانات وخصوصا الأمراض الوبائية التي تنتشر بين الحيوانات وتؤدي وباء يشمل مقدرات الاقتصاد الحيواني للبلاد، وذلك عن طريق التحصين ضد هذه الأمراض. وبتأمل ذلك يتبين أن الجهود التي يبذلها الطبيب البيطري لا تقل أهمية عما يقدمه زملاؤه من أطباء بشريين وأطباء أسنان وصيادلة حيث إن جهود الجميع تصب في حقل واحد وهو صحة الإنسان بما فيه من طب علاجي أو وقائي. - وأخيرا أحبتي يبقى هذا الكلام رأيا خاصا يقبل الخطأ والصواب ويحتاج إلى التوضيح والتصحيح وأنا أدعو كل المهتمين في الطب البيطري إلى السعي في تطوير ذواتهم وصقل قدراتهم، كما أدعو أحبتنا المسؤولين إلى النظر فيما جاء في طيات مقالي هذا فربما توجد الكنوز بين أنقاض الخرائب.
|
|
|
| |
|