| |
الإسلام والطائفية د. وحيد بن حمزة عبد الله هاشم
|
|
الطائفية مرض اجتماعي وعقدي خطير يشبه مرض السرطان (كالعنصرية والمذهبية) تفرزه أجساد المجتمعات فينخر في جسدها حتى يقضي عليها، كما ينخر في جسد الأمم التي تتقارب شعوبها في العرق أو في العقيدة، كالأمة الإسلامية على سبيل المثال. أول ما تبدأ أورام سرطان الطائفية من داخل المجتمعات الإنسانية بعد أن تحقنه في جسدها بعض الأفكار الخارجية أو الداخلية المعادية لها. ويكون انتشار المرض أخطر إن بدأت بعض أفكار الداخل المتطرفة والمتشددة عقديا إعادة حقنه في العقول الوطنية عقول المسلمين سواء عن قصد كالعناصر العميلة، أو عن غير قصد كالعناصر المتشددة. يتسبب الحقن هذا (في كلتا الحالتين) في ضعف بنية المجتمعات الإنسانية مهما تقدمت، وفي اختراق دفاعاتها مهما كانت منيعة، الأمر الذي يسهم في ضعفها وتفسخها ومن ثم انحلالها. هذه حقيقة واحدة من الحقائق التي جاء دين الإسلام السمح ليلغيها ودعاها من أخلاقيات الجاهلية. كما تعد هذه الحقيقة من ضمن حقائق التاريخ التي لا يمكن دحضها أو نفيها. ومع هذا ورغما عنه تقع بعض المجتمعات الإنسانية، ويهمنا هنا مجتمعات الأمة الإسلامية، في مستنقع الطائفية والمذهبية (أو العنصرية) بفعل جهالة البعض، أو بفعل تطرف البعض الآخر وتشددهم جميعا لأسباب مصطنعة، منها على سبيل المثال الخواء الروحي والعقدي خصوصا عامل الخواء النفسي الناجم عن هيمنة مركب النقص وعقدة الأنا التي تؤمن بها جماعات التطرف والرفض، وجماعات المروق والجهالة. الطائفية والمذهبية كانت ولا زالت موجودة في العالم الإسلامي (والعربي تحديدا بشكل واضح) في بعض الدول وبشكل مبطن في البعض الآخر. ومن الواضح أن أحداث 11 سبتمبر الإرهابية التي ضربت أجراس الإنذار في العالم الغربي مؤكدة لشعوبه أن الصراع القادم معهم ليس حكرا على طائفة الشيعة أثبتت أيضا أن الجماعات السنية المتطرفة (بقيادة القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري ومن ثم أبومصعب الزرقاوي في العراق ومن خلفه فيها) أكثر خطورة من الخطر الشيعي على الأمن القومي الغربي عامة وخصوصا على الأمن القومي الأمريكي. هذه الحقائق التي توالت فصولها المؤلمة بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية فجرت فتنة عالمية وإقليمية خطيرة بين المسلمين والعالم الغربي، بل والأدهى والأخطر من ذلك كله أشعلت فتنة القرن الحادي والعشرين بين المسلمين أنفسهم، وهو وضع خطير مأسوي يجب إطفاء شعلته بأي وسيلة كانت حتى لا تتضرر منها جميع شعوب الأمة الإسلامية. الفتنة العالمية الإسلامية الغربية، ومن ثم الفتنة الإقليمية الإسلامية - الإسلامية سببها تنظيم القاعدة كبداية، ومن ثم جاء أبومصعب الزرقاوي في العراق كوسيلة ليعززها وينميها، ومن ثم لينشرها كالنار في الهشيم خصوصا بعد أن غدت الطائفة السنية هي الأقلية في العراق وحلت محلها الطائفة الشيعية. اشتعلت نيران الفتنة الطائفية أكثر في العراق بعد أن نفذت عمليات إرهابية بشكل روتيني وعشوائي متواصل لتفتك بأرواح الآلاف من الأبرياء المسلمين أيا كانت طائفتهم أو مذهبهم دون أن يكترث من يرتكبها بأن الله حرم اقتتال المسلمين، بل وحرم قتل النفس من دون وجه حق. لهذا فإن الصورة القادمة قد تكون صورة قاتمة بين الطوائف الإسلامية إن استمرت نزعات التطرف العقدي والتزمت المذهبي والانحياز الطائفي تنخر في جسد الأمة. هذه الحقيقة مؤلمة بالفعل ولكنها جزء من المخططات العقدية المتطرفة والمتشددة التي تعمقت في جذور الماضي ويتوالى ظهور وقائعها القاتلة بشكل متواصل في جسد العالم الإسلامي بفعل قوى التطرف الطائفي والمذهبي. وهي الحقيقة التي يراد بها إشعال نيران الفتنة في داخل الأمة الإسلامية ووضعها في مواضع مواجهة ضعيفة مع العالم الغربي.
|
|
|
| |
|