| |
السبت 10 من رمضان 1393هـ الموافق 6 أكتوبر 1973م العدد 721 هل الطيب صالح شاعر كبير؟!
|
|
مجلة بريطانية فصلية متخصصة في نشر الشعر المترجم عن اللغات الأخرى، ويتولى إصدار المجلة والإشراف عليها نفر من الشعراء والنقاد الإنجليز. وقد ضم هذا العدد - وهو الخامس عشر - قصائد مترجمة لشعراء من العالم العربي ورومانيا والأقطار الاسكندنافية وفرنسا وأرمينيا والمجر وألمانيا مما يدل على أن المجلة تحاول فعلا إعطاء فكرة شاملة عن الشعر الحديث في العالم بشتى اتجاهاته. وتحتل القصائد المختارة من الشعر العربي المعاصر مكان الصدارة في هذا العدد. إلى هنا والخبر سار، ففي شعرنا الحديث نماذج كثيرة تستحق الترجمة، دون شك، ونحن أحوج ما نكون إلى منبر عالمي كهذا يوصل أصواتنا الشعرية الموهوبة إلى جماهير واسعة من القراء في شتى أرجاء المعمورة. ولكن بعض الأسماء التي اختارها المترجم لتمثيل شعرنا تبعث على الحيرة، فإلى جانب نزار قباني، وأدونيس وبلند الحيدري، والبياتي، ويوسف الخال، نفاجأ بكاتبين لم يعرف عنهما أن لهما علاقة بالشعر، هما وليد إخلاصي والطيب صالح. إن وليد إخلاصي كاتب سوري له مؤلفات قصصية ومسرحية. أما الطيب صالح فهو روائي سوداني حقق لنفسه شهرة ملحوظة برواية - موسم الهجرة إلى الشمال - ولم يسبق أن قرأنا نتاجات شعرية لأي من هذين الكاتبين، ومع ذلك فقد وقع الاختيار عليهما ليكونا ضمن ممثلي الشعر العربي الحديث. وهنا يحق للمرء أن يتساءل: لماذا؟ أهناك دوافع شخصية تكمن وراء هذا الاختيار أم أن المترجم مقتنع بأن بعض كتاب النثر أصدق تمثيلا للشعر العربي من بعض شعرائنا المعروفين الذين أغفلهم؟ وقد يكون هذا وقد يكون ذاك والمترجم مخطئ في الحالتين، فليس من الأمانة في تمثيل الشعر العربي الحديث أن يغفل شاعرا كبدر شاكر السياب - مثلا - ليحل محله كاتب لا علاقة له بالشعر كوليد إخلاصي. أو يستعاض عن الشاعر خليل حاوي بالروائي الطيب صالح. ليس من حقنا طبعا أن نلوم المترجم إذا أعجب بأقصوصة لوليد إخلاصي وعدها لونا من الشعر، فالمسألة ضمن هذه الحدود هي مسألة ذوق شخصي. والأذواق لا تناقش كما يقال. ولكننا لا يمكن أن نعفي المترجم من اللوم حين ينساق مع ذوقه الشخصي إلى حد إعطاء صورة مشوهة عن الشعر العربي الحديث، ولو أنه جشّم نفسه قليلا من العناء، لوجد في دواوين شعرائنا المعاصرين ما يغنيه عن هذا الاختيار العجيب. ويبدو من كلمات التعريف التي مهد بها المترجم للقصائد التي وقع عليها اختياره أنه منحاز بصورة صريحة لمدرسة مجلة - شعر -. فقد استهل مختاراته بقصيدة طويلة ليوسف الخال، قدم لها بكلمة جاء فيها أن مجلة - شعر - التي أسسها الخال، أصبحت الناطق الأساسي بلسان الشعر الحديث. وحين تحدث الشاعر أدونيس، وصف مجلته - مواقف - بأنها المنبر الوحيد للشعر الجديد. وهذا لا يطابق الحقيقة التاريخية. وتجاهل مجلة الآداب التي كان لها الدور الأساسي في فتح الطريق أمام الشعر الحديث. (...)
|
|
|
| |
|