| |
الضغوط النفسية والمجتمع! عبدالعزيز السلامة
|
|
إن هذه الحياة التي خلقها الله مليئة بالهموم والمصائب والشدائد والأحزان التي تلاحق الإنسان منذ طفولته وطوال حياته؛ ما جعلته عرضة للإصابة بالأمراض النفسية أو العضوية، وذلك كله بتقدير العزيز الحكيم؛ إذ يقول الله تعالى {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.. إنه قدر الله الذي كتبه على عباده لحكم بالغة، وأسرار عظيمة لا يعلمها إلا الله. فبعض الناس يتمكن من السيطرة على تلك الضغوط النفسية والصمود أمامها، ويجتاز أمراضه النفسية، والبعض الآخر لا يتعامل معها تعاملاً حسناً، فيلجأ إلى كبتها والحرص كل الحرص على عدم معرفة الآخرين بها خشية التهكم به، أو التنقص من قدره، فتسيطر عليه الأوهام والشكوك، وتكدر عليه حياته، ويفقد توازنه في المجتمع، وقد تكون سبباً رئيساً في كثير من الإحاطات والإخفاقات والإصابة بالأمراض العضوية. والمرض النفسي نوع من النقص في نظر صاحبه، وهو أشد خطراً من المرض العضوي؛ لذلك يسعى المريض النفسي إلى إخفاء مرضه مخافة الآخرين، ويتفاوت ذلك من مجتمع إلى مجتمع آخر، بل من فرد إلى آخر، وذلك بقدر تفاوت الإحساس بالمرض النفسي. والغريب أن المجتمع غير الواعي هو السبب الرئيس والعامل الأول في ظهور الضغوط النفسية وانتشار السلوكيات السيئة بين أفراده. فعلى سبيل المثال هناك فئة في المجتمع لا تعرف إلا التهكم والاستهزاء بالآخرين، وتتبع زلات إخوانهم المسلمين، ولا تقيم لهم احتراماً ولا تقديراً.. ومنهم من يصاحب المسكين من الناس، ويعطيه الريال أو الريالين ليس حباً فيه أو حباً لله، وإنما لكي يتهكم به أمام زملائه والناس، ويجعل هذا المسكين أضحوكة له، يتنقل به من مكان إلى آخر.. وما درى ذلك الشخص أنه هو المسكين.. إن آذيت وتهكمت بالقليل من عباد الله فغداً يسلط الله عليك الآلاف والآلاف، والجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان. وفئة أخرى من المجتمع قد أنعم الله عليها من الوجاهة والمناصب المرموقة يقف أمامها أناس رهبة من هول تلك الضغوط، وإعداد المدح والثناء لهذه الفئة لعلها تطلع على طلبهم، وتحقق لهم أمنياتهم. وفئة أخرى تتصف بالصفات المعنوية من عداوة وحسد وغرور وكراهية وبغضاء، فتؤذي المسلمين، ولا تحترم مشاعرهم، أو تقدر آراءهم.وهذا غيض من فيض، وقليل من كثير.. وبعد هذا كله يبحث المجتمع عن الدواء لهذا الداء والأمراض النفسية التي انتشرت بين أفراده، وأثرت على حياتهم، ويتساءل المربون عن سبب انتشار السلوكيات النشاز التي خلفت وراءها المشاكل والهموم للأسر والمجتمع، وأثرت على الأخلاق والقيم والوطن.
|
|
|
| |
|