| |
عد أيها الماضي ولا ترحل ماجد بن عبدالله بن سعود الفهد - الزلفي
|
|
عد أيها الماضي ولا ترحل، عد فزمان اليوم يختلف عنك، لا يروق لي العيش فيه، حتى ولو كانت لي فيه أيام سعيدة، أيها الماضي وأنا أناجيك في الليل الساكن، أقول لماذا ذهبت وهل سترجع يوما من الأيام، أتذكر أيها الماضي يوم كنا أهل قرية واحدة يتفقد الإنسان سابع جاره، ويكون له بمثابة مستشاره، عزيزي الماضي أتذكر يوم كان إمام المسجد في وقتك بعد كل صلاة يتفقد الحاضرين بل كان ينادي بالاسم في صلاة العشاء والفجر، أتذكر أيها الماضي كيف كنا نلهو ونلعب؟ - يوم أن كنا صغارا - في أرجاء القرية وندخل أي بيت نشاء دون أن يفتح أحد فمه أو يبحلق بنظرات استنكار، وأتذكر أننا نطرق البيوت لنحصل على ما لذ وطاب من الحويات؟ لنرجع معا أيها الماضي ونتذكر الألعاب التي كنا نلعبها؛ لعبة سعف النخل هذه اللعبة بمثابة لعبة الدراجة الهوائية في هذا الوقت، دعني أيها الماضي أتذكر عندما تهطل الأمطار ونذهب إلى قطيع الماشية لندخلها الحظيرة، كل ذلك حدث ولم ندرك أنه يوما من الأيام ستزول. - تستعد الشمس في ذلك اليوم لترحل ليحل الظلام الساكن الهادئ جوا مريحا على أهالي القرية، يجلس الشيوخ مع بعضهم وتجلس العجائز مع بعضها والصغار يلعبون من حولهم في جو أسري متكامل. - يذهب الجميع إلى بيوتهم الطينية لينتهي يوم جميل حافل بكل ما هو سعيد ومفيد. - يستقيظ الجميع لأداء صلاة الفجر ثم يبدأ يومهم المعتاد دون ملل. - عزيزي الماضي عد لنفتح أنا وإياك سيرة آبائي وأجدادي وأسلافهم. - ها أنا أنصدم اليوم بالواقع الحديث الذي يأكل فيه الكبير صغيرهم، والجار لا يعرف جاره، ولو كان ملاصقا لداره، همهم المادة، وهي من رفعت ووضعت السادة. - ليتني رحلت معك أيها الماضي، ليتك أبقيت لي شيئا من الطفولة الذاهبة الباقية في قلبي، ليتك أبقيت لنا شيئا مما أكلنا في الصحن الواحد ونحن جماعة، ليتك أيها الماضي تعيد عراكنا الذي يشوبه شيء من الجدية والهزل. - أستأذنك أيها القارئ لأنني سأرحل لأن مصير مقالي مثل الماضي.
|
|
|
| |
|