| |
بر الوالدين أسمى الصفات عند الله عز وجل عبدالحليم عبدالعزيز تميم - جدة
|
|
إن بر الوالدين أسمى الصفات عند الله تعالى. القرآن الكريم دائماً يوصي بالآباء ولم يوص الآباء بالأبناء؛ لأن الآباء في عطاء دائم دون انتظار جزاء أو شكور.. قال الله تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). وقال تعالى: (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). فأوضح أن الإحسان بالوالدين يأتي دائما بعد العبودية لله وعدم الإشراك بالله؛ لأن الله هو أساس الخلق، والوالدان هما السبب في مجيء الإنسان.. قال تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) على ألا يتفوق حب الآباء على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالرسول يقول (ثلاثة من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يجب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود للكفر كما يكره أن يقذف في النار). ولمكانة الأب حرم الله على الابن الزواج من زوجه أبيه.. قال تعالى (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء) صدق الله العظيم. ولهذا حرم الله الزواج بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته؛ لأنه يمثل أبا للمؤمنين جميعا.. قال تعالى (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا)( صدق الله العظيم.) والمعاصي يؤخر الله عقوبة ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يعجل عقابه لصاحبه في الحياة الدنيا قبل الممات.. كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين)، كما يقول (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم). وقد علمنا سيدنا إسماعيل بطاعته أباه عليه السلام وقَبِل الذبح راضيا، وما أراد الله ذبح إسماعيل وإنما أراد ابتلاء إبراهيم فأنجى إسماعيل وافتداه بكبش عظيم نزل به جبريل عليه السلام من السماء.. قال تعالى (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) صدق الله العظيم. مكانة الأم تتقدم دائما في الذكر على الأب ويفضلها الله تعال لأنها حملت ووضعت وأرضعت وربت وسهرت الليالي.. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم (أي الناس أحق بصحبتي قال رسول الله (أمك) قال ثم أي قال (أمك) قال ثم أي قال (أمك) قال ثم أي قال (أبوك)). ويقول عليه الصلاة والسلام (إن الله حرم عليكم حقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال كثرة السؤال وإضاعة المال). وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أعظم حقا للمرأة قال (زوجها) قالت وأي الناس أعظم حقا على الرجل قال (أمه).وكان علقمة أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاني من سكرات الموت بعد أن أصيب بجرح بالغ في ميدان القتال وأراد أصحابه أن ينطق الشهادتين فلم يستطع فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل هل بقي من أبويه أحد قالوا (أمه) فجيء بها وسئلت فقالت (كان يؤثر زوجته ويطيعها في كل شيء ويدخل بالشيء عليها ولا يدخل علي) فطلب منها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعفو عنه فهو في سكرات الموت فأبت فأمر أن تُشعل نار عظيمة ويلقى علقمة فيها، فحركت في الأم عاطفة الأمومة، وقالت أتحرق ولدي فلذة كبدي أمام عيني قال نعم، فعفت عنه، فقال النبي صلى الله وسلم (اذهبوا إليه فإنه نطق الشهادتين) فجيء إليه وقد نطق بهما فحمل إلى الجنة.وهناك الكثير من الأمثلة والحقائق التي تأتي بشأن هذا الموضوع في القرآن الكريم وفي السنة النبوية أمرنا بها الله عز وجل ورسوله الكريم.فعلينا أن نمتثل ما أنزله الله على العباد خصوصا الأبناء بأن يكونوا على مستوى المسؤولية تجاه الوالدين وأن يطيعوهما وأن يبروا بهما وينالوا رضاهما طاعة لله ورسوله في كل الأمور في هذه الدنيا والآخرة قبل أن تحاسبوا على مخالفتكم أمرهما.. ولو كان الوالدان كافرَيْن فيجب طاعتهما في الدنيا معروفا خصوصا الأم التي حملت بين التألم والضجر، وكيف لا؟.. فعليكم جميعا أيها الأبناء الكرام دائما أن تتذكروا فضل الوالدين بعد الله عز وجل عليكم لأن في ذلك أمرا عظيما وخطيرا. نسأل الله عز وجل أن يهدينا جميعا ويرحمنا برحمته الواسعة وأن يلهمنا وأن يرشدنا إلى طريق الحق والصواب.. اللهم آمين، وأن يرزقنا الجنة ونعيمها. والحمد لله رب العالمين.
|
|
|
| |
|