| |
نصائح أمريكية بشأن العراق وأفغانستان
|
|
يعمد قادة عسكريون غربيون في لحظات مكاشفة إلى الاقرار بهزائم في العراق ومصاعب في أفغانستان، لكن هذه التصريحات والاعترافات، بل وأحيانا النصائح سرعان ما يتم وصفها في مناسبات اخرى على انها زلات لسان، أو قد يجري تفسير الأجواء التي تمت فيها باعتبار ان تلك الاجواء هي التي حتمت اطلاقها بتلك الكيفية، وأن تغير الظروف قد يضع التصريحات في سياق آخر وبكلمات أخرى. ومن المهم هنا تحديدا الاشارة إلى ما قاله الجنرال الأمريكي جيمس جونز أحد كبار قادة حلف شمال الأطلسي الذي تحدث قبل فترة عن هزيمة أمريكية كاملة في العراق، وهو لم يتراجع عما قاله، وان تحدث عن ظروف مختلفة، كما حاول التقليل من شأن ما قاله عندما ذكر فيما بعد انه قصد تحذير زميله الجنرال بيتر بيتس رئيس الأركان الحالي في الولايات المتحدة بالكف عن محاولته التطلع لمنصب رئيس الاركان الأمريكي في ظروف الهزيمة في العراق. والتصريحات تشير، بضمها إلى أخرى، بأن كبار الضباط في الجيش الأمريكي غير راضين عن إدارة بوش تجاه ما يجري في العراق ويعتقدون أن المقاومة في العراق تصاعدت لان المسؤوليين المدنيين تجاهلوا نصائحهم. وتبذل الادارة الأمريكية الكثير من الجهد والعمل في محاولة لابعاد مثل هذه التصريحات خصوصا في الاجواء الحالية التي تسبق الانتخابات التجديدية لمجلسي الكونجرس، فأي كلام عن الهزيمة سينبش كل الأدبيات المنتقدة لحرب بوش في العراق. وفي انحاء اخرى من العالم بما فيها أفغانستان حيث المصاعب الجمة تطل برأسها، لم يتحقق بعد خمس سنوات من الحروب الاستقرار المنشود ولا ردع الإرهاب، بل على العكس هناك تقارير متلاحقة عن نشاط متزايد لطالبان. ويفيد كثيراً سواء في أفغانستان أو العراق، حيث تجرى الحرب تحت عنوان محاربة الإرهاب، ان يتم افساح مجال أكثر للعمل السياسي، فالعمل العسكري بطبيعته ينطوي على قدر من عدم الوضوح والسرية في كل جوانبه، وهذه السرية تخفي من بين ما تخفي حجم القوى ومدى التأييد السياسي لها، ومن ثم فإن الرهان دائما يكون على محاولة تدمير الخصم أو على الأقل القيام بعمليات تكتيكية لكشف النقاب عن كامل تلك العناصر، ومن ثم تنعدم الخيارات الأخرى في المسألة العسكرية. ومن الواضح ان الكثيرين يفضلون الحد من الافراط في الاستخدام للقوة العسكرية لصالح دعم العمل السياسي، وأن الانحياز أكثر للعمل السياسي قد يفضي إلى نتائج طيبة، وذلك على الرغم من استمرار عمليات سياسية الآن في العراق وأفغانستان لكن الجهد العسكري هو الطاغي إذ ان الرهان عليه لا يزال كبيراً على الرغم من النتائج غير الحاسمة.
|
|
|
| |
|