حسبي من الوجْد ما توحيه عيناكِ
للناظرينَ وإنْ كفكفتِ شكواكِ
في موقِ عينيكِ لي سرٌّ يبوحُ به
لحْظ فيُدرك هذا السرَّ إدراكي
إنّ العيونَ لها في لحْظها لغة
تنبي بما يُبطِن المسرور والشاكي
إنْ تدَّعي البشْرَ في الأرزاء باسمة
يَطفُ الأسى وتغُصْ في الحزنِ دعواكِ
وإنْ تجلدتِ لم تبكي ولم تهني
فربّما تنطق الشكوى بلا باكِ
لا تُظهري غيرَ ما تخفينَ صابرةً
إن تدَّعي يفضح الدعوى مُحيّاكِ
نعمْ ، تجلدتِ في اللأواءِ شامخة
كذا عهدناكِ عزًّا مذ عهدناكِ
كم ضَعْضَعَتْ حادثاتُ الدهر عزّتنا
وطوَّقتنا بطوق الذلّ إلاكِ
لولاكِ لم يَبْقَ في أعماقنا شررٌ
ومات فينا إباء الضيم لولاكِ
أذكيْتِ من عزمِكِ المَوَّارِ في مُهَجٍ
عزائمًا، فتسامى عزمكِ الذاكي
لم تخنعي لعهود البغي خائرةً
فالعزُّ منذ عهودٍ من سجاياكِ
صاولتِ في كل دهرٍ كيدَ طاغيةٍ
فارتدّ عنكِ كليلاً مَنْ تحدّاكِ
يا رُبَّ حسناءَ بَزَّتْ في بَسالتها
صِيدًا ولم يَحْكِها في صبرها حاكِ
مهدَ الرسالاتِ، قد عاهدتِنا زمناً
ألا يُجاورَ هدْيٌ إفكَ أفاكِ
لا تُستطابُ رياضٌ تنتشي عبقاً
لما تُزاحَم أزهارٌ بأشواكِ
على مدى الدهر كم وافاكِ ذو طمعٍ
وحلّ فيكِ دخيلاً ثم جافاكِ
إذا استقرّ على كرسيِّه بَطرًا
فارتْ قواكِ فأضحى من ضحاياكِ
وكلما نكأوا جرحًا وسال دمًا
فسوف ينفَحُ عزًّا جرحُكِ الزاكي
وكلما غَزَلتْ كفُّ الظلام لنا
مُلاءةً نقضَتها - الفجرَ - كفاكِ
فهد بن علي العبودي - الدلم