في قصة البقرة اكتشاف طبي، لو كنت طبيبة لسجلت فيه براءة اختراع، إضافة إلى ما تحويه من عِبَر ومواعظ - من قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وحرمة أكل مال اليتيم على اختلاف الروايات في المقتول (بين طفل ابن عم القتلة، وعم القتلة الأعزب)، ووجوب بر الوالدين على اختلاف الروايات في صاحب البقرة (بين بارٍّ بوالدته رَفَضَ بيع البقرة بأغلى الأثمان إلا بموافقة أمه، ومستودعٍ اللهَ في بقرته الضائعة ومصدر رزقه فعوّضه الله بوزنها ذهبا) - واكتشافُ أن الطبائع والأخلاق والسلوك تنتقل في الإنسان عبر الجينات الوراثية، فلا داعي للتربية والتقويم، ضع أمام عينيك شريطَ أناسٍ يترددون على نبي الله موسى عليه السلام ذهابا وإيابا: ما سنها؟ ما لونها؟ ما العلامة المميزة لها؟ رابين، بيريز، نتنياهو، شارون، باراك، ليبرمان.. يذهبون ويرجعون إلى ومن واشنطن ومجلس الأمن والأمم المتحدة: ما حدود فلسطين؟ ما صلاحياتها؟ مَن سكانها؟ ما عاصمتها؟ ويقابل كثرة الأسئلة كثرة التنازلات: لا حدود ثابتة لدولة فلسطين - كيف وأُخْطُبوط المستوطنات..!! -، دولة منزوعة السلاح والاقتصاد وكل مقومات الحياة، لا عودة للاجئين، القدس عاصمة إسرائيل، وهكذا يصير الطلبُ طلباتٍ والسؤالُ أسئلةً، وكثرةُ الأسئلةِ تمديدُ وقتٍ وتنصلٌ من التنفيذ. وفي كل ذهاب وإياب تتقلص خريطةُ فلسطين حتى تصيرَ قطاعَ غزةَ فقط، وتبرعهم بقطاع غزة ليس حبًّا في الفلسطينيين ولا لوجه الله، بل هربًا من لعنة هذه البقعة كما تذكر كتبهم؛ لذلك لن ينفع العربَ كرمُهم المُنْتَقِل إليهم بواسطة الجينات الوراثية، لو أصروا وحلفوا بالطلاق على الإسرائيليين أن يضموا قطاع غزة لدولتهم.
مصر