هذه المرة مختلفة.. مختلفة تماماً مثلما اختلفت أضلعي وأنا أحضنك أول مرة (لا شيء يجعلها تختلف إلا أن قلبي لم يجادلني بك هذه المرة) لا عذر يصفح لك فقد أزاح رحيلك ستار العمى الذي يطبق عيني ويضع نقطة قبل الانتظار.. كان رحيلك سابقاً يتسابق مع علامات التعجب وتوقعات الإياب والآن تلفني علامات الاستفهام ودوار الأسئلة التي أشك أنك تملكين إجابتها.. تتذرعين بالمساحة التي تجعل الحب يحلق في سماء غير مسقوفة وأنا يقتلني سقف الأسئلة التي ليس لها خيارات إجابة.. أي حب في هذه الدنيا يخلو من الحنين المتوّق وأي عاطفة لا قلق فيها ولا حدس ولا جدال.. هذا ما حلمتي به في مساحتك التي تعبئها السادية ورغبة التعذيب وتزعمين أن لا حب بلا ألم ولا ألم دون أن يكون رحيل.. إذا تقاسمي هذا الحلم مع تفاصيلك المدججة بالتجاعيد أما أنا فلا يستهويني هذا الحلم الذي يوقظ داخلي عملاق الأسى ويجعلني أنشغل عن حبي بألم الترحال.. أستطيع أن أعود لأقبع في أحلامي الماضية من جديد دون أن يعكر صفو احلامي منظر الاشلاء في ساحتك وصور القتلى ورائحة الموت وتسرب الدماء فليذهب هذا الحنين للجحيم فجحيمه لا يطاق دون أن يكون فوق عيني جزء من ردائك الذي غيب عني الحقيقة القاسية وجعلني محطة انتظار تضعين فيها أوزارك وترحلين وما ظننتي أنك هذه المرة تحملين وزري وأوزاراً مع أوزارك فأريني هذه المرة كيف ستغتسلين من أحواضي عن ذنوبك التي ليس بها لمم!! أريني كيف تكون النشأة الأخرى وأنت تبعثرين بعصيك كل خطوط الرجعة وترفلين بالأنا التي أصبحت سداً منيعاً بينك وبين قلبك الذي ما تعلم يوماً أن الله لا يغفر أن يشرك به.. ثم اريني كيف ستحيين الموتى حينما يصبح قلبي مسجاً على خشبة الموت واتلو عليه سورة الرحمن وكم ستكون أيام حدادك وماذا ستقولين لفلول المعزين.. اريني كيف ستركبين طبقا عن طبق حينما يقول ذلك الفقد: تباً لكل قلب لا يرتجف حنيناً ولا يتضور اشتياقاً ومن يحمله يشبه حمالة الحطب.. أريني كيف سيكون حضورك محفوفاً بالنار وبئس المصير.. ثم لا تعيدين قراءة ابجديتي التي استخلصتيها لنفسك بين حب ورحيل فقصتي معك لاوسطية فيها فهي متطرفة من المهد حتى اللحد وإياك أن تزورين قبري فتوقظين قلبي من رقدته دعيني على الأقل أكون من أصحاب القبور.. ويوم البعث سأشفع لك جريمة شنعاء أتيتي بها على قلبي وروعت الآمنين ولكن هل ستشفعين لنفسك يوم لا ينفع مال ولا بنون؟ إلا من أتى الله بقلب سليم!!
مرفأ
إن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض.. هذا الشريك الذي قاسمنا التفاصيل حتى أصبح خليطاً.. ثم بغى علينا وفجر!!
فوزية بنت ناصر النعيم - عنيزة