وصلني عن طريق الإيميل استبيان عن استفادة طالبات كلية التربية الفنية من دراستهم في الكلية، والواقع أنني لا أعرف أي كلية مقصودة.. ولا في أي مدينة هذه الكلية.. وما الهدف من الاستبيان؟.. وتفاصيل مهمة يُفترض أن يعرفها المجيب، وهن طالبات يدرسن أو درسن في هذه الكلية.
من بين الأسئلة: هل كانت لديك الرغبة المسبقة لدراسة هذا التخصص؟.. ما هي نواحي القصور التي تعتقدين أنها تؤثر على تطوير مهارات الطالبات الفنية؟.. ويطرح الاستبيان نقاطاً أخرى بسيطة تتعلق بالعلاقة والاستفادة وتوفير الخامات وغيرها.
ومثل هذا الاستبيان مطلوب منذ أعوام.. حيث أنشأت بعض كليات التربية.. أو كليات المعلمين أقساماً للتربية الفنية، وقصة دراسة التربية الفنية في المملكة كما هو معروف تعود إلى معهدها في الرياض الذي أُنشئ وسط الثمانينيات الهجرية.. ولعب دوراً كبيراً وهاماً في جانبين: الأول المهمة التعليمية للتربية الفنية.. والثاني تدريب الطلبة الملتحقين به ببعض أساسيات الرسم والتلوين والأعمال الفنية الأخرى كالنحت والخزف والطباعة وغيرها.. وهي تدريبات تفيد الطالب بعد تخرجه في المدارس التي سيلتحق للتعليم فيها، وأقسام التربية الفنية في بعض الكليات تقوم بنفس الدور التعليمي.. فهي تؤهل للقيام بتعليم التربية الفنية.. لكن معظم خريجيها لم يكونوا بالمستوى الذي تخرّج به الطلبة كفنانين.. مقابل معهد التربية الفنية مع محدوديته، مع علمي أنه لا المعهد ولا الأقسام تعلم لتخرج فنانين.
عشت تجربة تعليم التربية الفنية لعقود.. وتأسرني هذه المهنة وأحببتها كثيراً.. ومر عليّ أثناء تعليمي أصناف من المعلمين خصوصاً المتدربين عن طريق كليات المعلمين.. أو معلمين متخرجين من كليات متوسطة، ووجدت أشكالاً وأنواعاً من الاهتمامات والمعارف ما بين متحمس وشديد التعلق بالمادة وتعليمها.. وبين من لا يفقه حتى خصائص رسوم الأطفال والتفريق بينها ورسومات الكبار وكانت الاختيارات أحياناً تنبني عند الفئة الثانية على المحاكاة مهما كان الطالب صغيراً.. وهو ما كنا نشتكيه من غير المتخصصين أو المتعلمين أصول تدريس المادة سابقاً. والطالب أو الطالبة لا ينقصهما عادة إلا التوجيه السليم والتشجيع الذي يأخذ بيدهما وتعزيز الاكتشافات الإيجابية والناجحة خلاف الوسائل المختلفة لتحقيق ذلك وربما يجد البعض في التربية الفنية وتعليمها الأكثر سهولة من غيرها من المواد الدراسية ولأنه ليس هناك مقرر أو نظام واضح يحكم المادة فهي تسير كمادة تسلية أو ترفيه أو ما يمكن تعريفه بسد النقص.. بل إنها مادة تختفي في المرحلة الثانوية من مدارس البنين وبشكل نهائي حتى عن أن تكون حصة نشاط.. وهذا بالطبع أثّر كثيراً في جوانب لها علاقة بتحقيق أهداف المادة نفسها، منذ دخلنا المدارس وتلقينا تعليمها على أيدي معلمين غير مختصين.. والأمر لم يتغير كثيراً.. فالمعارض التي كانت تقام سابقاً كانت أكثر من الآن مع التوجيهات التي تقضي بتحقيق بعض الأهداف التربوية من خلال المعارض بكافة أشكالها.. بل وندخل بعض المدارس فلا نجد فيها رسمة معلقة لطالب نجيب.. أو طالب عادي يمارس عملية الرسم بشكل اعتيادي.. كما أننا قد نفتقد حيوية مثل هذه المادة التي تُعتبر بالنسبة للطالب متنفساً يبدع فيه لا أن تكون مجالاً للعب وإضاعة الوقت أو الشدة وعدم القدرة على التحرك لأنها مادة - بطبيعتها - حيوية ولا أعرف ما إذا كانت البنات يعشن تلك الحالات الذكورية.. فأعرف أحياناً من خارج إطار المادة الشدة التي تخلقها المعلمة لتحقيق الانضباط والعمل دون أدنى فوضى أو حركة تخل بهدوء الحصة، هناك أيضاً المكان الذي يمكن أن يكون مهيأ للمادة والخامات المطلوبة من الطالب أو الطالبة.. وأعرف أن الطلبة غالباً ما يكونون مسرورين بتجهيز أي احتياج يطلبه المعلم.. لكن ليس الطلبة هم الذين يمكن أن يتحملوا التقصير في ذلك، هناك أكثر من جهة، المنزل والمدرسة والمعلم، والطالب دائماً ما تمثل له المادة وجبة شهية إذا تعامل المعلم معه بناء على تحقيق منجز يقدمه ويميزه بين زملائه في الفصل أو المدرسة.. وهو هدف يُنمي في الطالب حب الفن والتربية الفنية.. ويجعله أكثر تواصلاً مع المادة.. ولا ننسى بالمقابل ما نسمعه من أي فنان.. أو حتى موهبة جديدة.. دائماً ما يقول إنه بدأ في المدرسة ووجد التشجيع من المعلمين وكانت رسوماته تعرض في فصله.. وفي جوانب من المدرسة خلاف المعارض التي تقيمها المدرسة.. ويكون الطالب أو الطالبة من بين من تعرض رسوماتهم أو أي من نتاجاتهم الفنية.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام