تسيرينَ...!
يبقى الخوفُ كالسيفِ واقفا
تخافينَ...؟!
من يحمي من الليلِ خائفا ؟!
حجازيّةٌ دمعُ النجومِ أقلّها،
وليلُ السُرى بعد الصبابةِ ملّها
محا الموجُ والتجديفُ والخوفُُ ظِلَّها
تَوَقَّفْ بها ليلَ الفرارِ لعلّها
تُقاسمُ رجليكَ المسيرَ إلى الغيبِ..
غيابٌ، وغيبٌ، واغتيابٌ، وغُربةٌ
ورقصُ جروحِ الروحِ تُدميهِ كربةٌ
حجازيةٌ تبكي،
وفي الدمعِ رغبةٌ
فَخُذْها تُقاسِمكَ المسيرَ إلى الشُهْبِ..
ومن شكّ ذاتِ البينِ شَكّلْ لها يَدا،
وقلبًا لهُ عينٌ بها تُبصرُ العِدى؛
فإنّ غدَ الأحبابِ قد يتباعدا،
وأنتَ ضعيفُ الحِصْنِ من جهةِ القلبِ..
غيابٌ، وغيبٌ، واغتيابٌ، وغُربةٌ
ورقصُ جروحِ الروحِ تُضنيهِ كُربةٌ
فإن كنتَ في أهليكَ تَغْشاكَ رَهْبَةٌ
فكيفَ بها والأهلُ هُمْ رهبةُ القُرْبِ؟
تَقَاذَفَها ظنٌٌّ، فعاوَدَها شَجَنْ
وسالَ بها موجٌ تسيلُ بهِ مِحَنْ
حجازيةٌ من جاءها زائرًا سَكَنْ
فصار لها أهلاً، وصارتْ له وطنْ
وباتَ سليلَ الحبِّ في موطنِ الحبِّ..
غيابٌ، وغيبٌ، واغتيابٌ، وغُربةٌ
تسلََّ برقصِ الروحِ تنحلُّ كُرْبَةٌ
فإنّكَ إنْ تنأى وفي الدارِ صُحْبَةٌ؛
فأنتَ سليلُ النأي مستوطنُ الكَرْبِ..
بَدَوا فبَدَوْنا والسرائرُ باديةْ
ونارُ ضلوعِ الماءِ تنشقُّ كاويةْ
تؤججُها عينٌ على الدارِ باكيةْ:
رضا النفسِ أنْ ترضى إذا الدارُ راضيةْ،
وماءٍ إذا لم يَروِ، لا خيرَ في الشُّرْبِ..
ورَكْبٍٍ يقودُ الخَطْبَ،
و الغدرُ حادِيَهْ؛
سِراعًا يَغُذّونَ المسيرَ لمائيَهْ؛
أقاموا على بَحْري،
وشقّوا شِراعِيَهْ،
تعرّوا على موجِ الكلامِ علانِيَةْ،
وكلٌّ لهُ ليلٌ طويلٌ،
وغانيةْ
تُسائلُهُ عنّي؛
فيسألُ نادِيَهْ
يُفتِّقُّ شقَّ العُري والشمسُ حاميةْ
ليُخفي عيونَ الإفكِ في عتمةِ الرَّكْبِ...
غيابٌ، وغيبٌ، واغتيابٌ، وغُربةٌ
تسلَّ برقصِ الروحِ تنحلُّ كُربةٌ
وغِبْ،
وتَغرّبْ،
واغتربْ
في حِمى الصّحْبِ...
تيمّمَ بهم أُخرى، وأُولى وثانيَةْ
وضُمّ عروقَ الشمسِ تأتيكَ حانيَةْ،
وغِبْ،
واغتربْ؛
وابكِ على حَرِّ ما بِيَهْ؛
فإنّ اغترابَ الروحِ ذنبُكَ لا ذنبي.
جدة