تمون يا جارالله وتامر...
هذا ما انطلق به لساني وأنا أتلقى رسالة من جارالله الحميد يطلب مني الحضور إلى النادي الأدبي بحائل، ويستخدم في رسالته أسلوبا خاصا لا يصدر إلا عن ضمير مبدع وحميمي كضمير جارالله، حيث قال لصحبه: سآتيكم به وسيقف بينكم في حائل، وقولك يا جارالله جواب وصواب وكلمتك حق وأنت تمون وتامر، غير أني أرجوك أن تعينني على الحق وتنتصر معي للحقيقة.
إنك تعلم أنني قد أعلنت مقاطعة الأندية الأدبية حينما ألغت وزارة الإعلام قانون الانتخابات وأحلت محله التعيينات وتحول كل شيء إلى بيروقراطية وظائفية مؤسساتية مغلقة، وكنت أعرف المصير الذي يشهده الكل الآن.
يا أيها العزيز إني أصدقك القول لقد أحسست بجرح عميق على المستوى الشخصي حينما ألغت الوزارة الانتخابات، لقد خاب ظني بأناس كنت حسن الظن بهم، (ولكن...)، ومازلت والله أشعر بمرارة ذلك القرار ومازال الجرح عميقا وعنيفا، ولن أغفر للوزارة ما فعلته بثقافتنا، لن أغفر لها ذلك أبدا، وبين يدي مشروع كتاب هو الجزء الثاني لحكاية الحداثة أروي فيه حكاية الثقافة في بلدنا، وفيه أعرض كل حقائق الكارثة، وهي والله كارثة ليست بالهينة.
حبيبي جارالله هل يرضيك أن أتخلى عن مبادئي..؟
إنني لو أتيت إلى نادي حائل فسأكسر موقفي وأخسر صورتي أمام ضميري وأمزق مسودات كتابي الذي ذكرت لك لأنني سأكون شريكا للوزارة في فعلتها، وسأكون بضاعة بيروقراطية كما يريدوننا أن نكون.
لحائل -أيها العزيز- في نفسي مكان خاص فهي ديرة أجدادي ومنها أتينا وفيها ذاكرتنا، ولقد عاش فيها والدي طفولته الأولى حتى سن الرابعة عشرة، ولم تغب قط عن باله -رحمه الله- وغرس فينا ذكرياته وسواليفه وحبه وضميره العميق هناك، وأنا قطعة حية من حائل أتحرك بنبضها وبروحها، وأقسم لك بالله أنني لو كنت سأستثني لكانت حائل في قائمة من أستثني، ولن أنسى المهاتفة الكريمة من رئيس النادي قبل أشهر وقد استخدم كل المعجم الحائلي الجميل والراقي لإقناعي بالحضور إليكم ولقد اعتذرت إليه بعذر هو ما ذكرت لك في رسالتي هذه ولعله قد قبله فإن علمت أنت أنه لم يقبل شرحي للأمر فأرجو أن تتولى أنت المهمة وتكفينا عبء الندامة والألم، ومثلكم كان كلام مؤثر من الابن الدكتور محمد الصفراني رجاني فيه أن أحضر إليهم في المدينة المنورة، وكم كنت أود أن أستجيب له وأكافئ بره ووفاءه الدائمين ولكن..
لقد غيروا في المدينة ندوتهم من النقد الثقافي إلى الثقافة البصرية كله بسببي، ولست سعيداً بهذا ولكن... (هل أمازحكم وأقول: الحق على الطليان - كما يقولون في لبنان، أم أقول الحقيقة المرة وهي أن الخطأ وليس الحق هو السبب في ذلك وليس من طليان عندنا ولكن السيدة الوزارة هي القاتل والمقتول).
كما لا أنسى الإخوة في نادي القصيم وقد سمعوا مني الاعتذار وظلوا غير قابلين وغير مصدقين بنفاذ قولي.. ومرة أخرى أقول: ولكن...
لن أخون ضميري ولا أستطيع، ولعل هذه صفة ورثتها من دماء حائل النقية والأبية وأنا كذلك على العهد إن شاء الله.
اعذرني أيها الحبيب واعتذر لي، وحذرهم من أن يشك أحد بحبي ووفائي لحائل، وهو حب ووفاء يعدله صدقي في العهد والتزامي بشرط الثقافة.
حائل هي أسطورتي الخاصة وهي دمي الجاري في عروقي وهي أمي الأولى... أو بعد هذا شك في حبي لها.
تحيتي لك وتحيتي لحائل وأنت وصيي في ذلك.