ظهر الفنان التشكيلي سعد العبيد في زمن الكبار فصار واحداً منهم، تعرف إليهم عن قرب وعاش مع بعضهم، بل وكان طالباً مجتهداً ومخلصاً في تلقي علومه الفنية؛ سواء وهو في مهنة تعليمه (التربية الفنية) أو في عمله في التلفزيون السعودي.
يذكر العبيد أنه كان والفنان الراحل محمد السليم صديقين منذ تواجدهما في دورة تدريبية خارج الرياض أو أكثر، وهو بالتالي كمن يؤرخ لهذه البدايات التي كان بعض معلمي التربية الفنية ممن هووا الفن وممارسته ضمن المتواجدين، وكان المعلمون في هذه الدورات الصيفية من السعوديين على الأغلب، وبالتالي كان ضمنهم الفنان الراحل عبدالحليم رضوي، من هنا كانت علاقة العبيد بزملائه قديمة ومتنامية وحضوره المبكر واهتماماته التنظيمية التالية مساعداً له على توثيق بعض المعلومات الفنية الخاصة ببعض مراحل البدايات.
في تلك البدايات السبعينية كان العبيد يزور بعض البلدان الأوروبية وكان له أن يزور أهم معاقل الفن في بعض البلدان كباريس التي كانت من أهم المدن التي زارها وتعرف فيها عن قرب على أعمال الفن القديم الذي أحبه وشغف به والحديث الذي تعرف إليه وكان ميله إليه بسيطاً.
عندما رسم العبيد أعماله المبكرة التي بدأ يعرضها بشكل فردي في الرياض كانت تأسره الحياة الاجتماعية بمعطياتها وتفاصيلها، وكان يسعى إلى توثيق بعض الأحداث التي تمر عليه أو التاريخية أو الاجتماعية وهو بالتالي حافظ على هذا التوجه فيما بعد.
كان يرسم الوجوه من الرجال والنساء والأطفال وكان مرسمه الذي افتتحه من أشهر بمنزله بمثابة المصدر الذي يؤرخ لمسيرته، فقد كانت أعماله المعروضة بمثابة البانوراما التي تمثل حياة الفنان وركضه وتطلعاته وسعيه الفني. كان مولعاً بالمشاهد الطبيعية والمناظر المحلية وبالوجوه وهو بالتالي يرسم بروح نقائية فيها من العفوية ما يضيف لعمله الفني ويكسبه شخصيته ولمسته الفنية الخاصة.
وجدته يرسم الطبيعة بحب؛ فهو مولع بمشاهدها وبفطريتها. أشجارها المتطاولة وأراضيها التي تتبعثر فيها الزروع وجداول مياهها وهو عندما يرسم بألوان مائية تحسبه يرسم بزيتية والعكس أحياناً الأشجار أرى لها مثيلاً في أعمال أوروبية وهو استفاد من تلك المعالجة من خلال تلك الزيارات المبكرة له.
جمعتنا مبكراً معارض عديدة، وكنت حضرت أول مرة عروضه الشخصية آخر السبعينيات، كان يعرض أعمالاً تمثل بيئته وناسه، العجائز وكبار السن وكان يذكرهم بالاسم، ثم كان حضوره معرضي الشخصي 1983م في الدمام وتزاملنا بعد عام في الأسبوع السعودي الثقافي بالجزائر فعرفته أكثر في حبه للآخرين وحرصه عليهم وعلى التعرف على فناني والفن في الجزائر، فزرنا متاحف وفنانين وكان من خلال هذه الرحلة رسم بعض الإيحاءات التي عبر من خلالها عن توجه أحدث من أعمال عُرف بها.
تسلم رئاسة لجنة الفنون التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون بالرياض، وكانت فترة تسلمه من الفترات المهمة في مسيرة المركز الرئيسي للجمعية، وكان مدافعاً عن حقوق الفنانين ومطالباً بنشاط مستمر، وهو بعد ذلك كان تفرغاً للفن بعد أن تقاعد من عمله كمهندس ديكور، هذا التفرغ جعله يتابع الساحة التشكيلية في الرياض وأنشطتها بالرصد والتوثيق، ولم يزل يحتفظ بأوراقه التي كان يبعث بصورها إلينا للكتابة عن هذه المعارض، وقبل أعوام والعبيد في أوج حيويته ونشاطه أسهم وعدد من الفنانين في قيام جماعة ألوان التي تكونت من عدد من الفنانين والفنانات من الرياض، ثم اتسعت لتشمل فنانين من مناطق أخرى كانوا يقيمون المعارض وينظمون الحوارات، بل إنه يعمل بكثير حرص وجهد من أجل أن تبقى هذه الجماعة قوية ومؤثرة.
له الكثير من الإسهامات المختلفة فهو أسهم في تنظيم معرض الفنون التشكيلية لمعرض المملكة بين الأمس واليوم ونظم الكثير من المعارض ووقف مع زملائه الفنانين واستجاب لدعواتهم وبخاصة من خارج الرياض وخلال مسيرته كانت معارضه تحمل شخصيته الفنية وحسه الصادق وتعلقه بمحيطه وبمجتمعه.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244
- الدمام
aalsoliman@hotmail.com