في لقاء حول الفن التشكيلي حضره عدد لا بأس به من المثقفات في المجال الأدبي خرجت إحدى الحاضرات بالنتيجة التالية؛ (أن المجتمع لا يُقَدِّر الفن التشكيلي ودارسيه وممتهنيه، فممارسة الفنون التشكيلية مهنة غير مربحة مقارنة بالمجالات العلمية)! الأخت المداخلة لها وجهة نظر ربما يكون جزء منها صحيحاً! من حيث أن تقدير المجتمع غير كافٍ وأيضاً أن خريج أقسام الفنون غير الموهوب أو المتمكن لن يناله مردود في إنتاج أعمال تخلو من مكامن الإبداع!.
ولكن من يتابع الحراك التشكيلي اليوم -وأقصد متابعة العرض والطلب- يلاحظ أن الطلب يفوق العرض، وأقول هذا من واقع عايشته، حيث إن هناك من يطلب العمل الفني السعودي للعرض أو للمشاركة في مسابقات أو حتى الاقتناء الشخصي، وبكثرة. ولكن الإنتاج لا يتوافق كماً وكيفاً مع هذا الطلب. ولا نقصد بالإنتاج جميع الأعمال الفنية بطبيعة الحال، ولكن ما يرقى منها إلى مستوى الإبداع. فليس كل من مسك أداة وخامة ونفذ عملاً دون المستوى حتى وإن حمل الشهادة (العليا) وتلقى المديح من المجاملين أو غير ال(فاهمين) أو الذين لا يستطيعون تقييم العمل الفني (فضحالة الثقافة البصرية تجعل جميع الأعمال في نظر المتلقي (حلوة)!.
نحن اليوم نشهد مسابقات وأنشطة وعروضاً بل أصبح الفن التشكيلي وسيلة للعديد من الجهات للجذب سواء أكان نشاطاً موجهاً للصغار أو للكبار، وكأنما المجتمع في بداية وعي لأهميته أو دوره (الإعلامي) في جذب الجمهور والترفيه عنهم في ظل غياب استخدام الفنون الأخرى للترفيه. ومن ناحية أخرى ربما أدرك المنظمون دوره الحيوي التربوي إضافة للطابع الثقافي الذي تضفيه الفنون على تلك الأنشطة. ولكن المشكلة في البحث عن المشاركين أو المشاركات من ممارسي الفنون. فعندما نبحث عنهم نجد أن هذا مشغول وذاك متوقف حالياً عن الإنتاج والآخر مستواه أدنى من المقبول وتلك لا تستحق لقب فنانة! والأخرى لا تملك الوقت لمزاولة العمل التشكيلي...إلخ. ومع أن لدينا عدداً كبيراً من الفنانين والفنانات الذين يشاركون في المعارض لا أبالغ إذا قلت إن نسبة 70% منهم لا ترتقي أعمالهم إلى مستوى العرض، إما لأنهم متوهمون فهم لا يملكون الحد المقبول من المهارة أو الإحساس الفني أو الإبداع، أو أنهم يملكونها ولكنهم بحاجة إلى صقل وتدريب، أو هم بحاجة إلى تفتيح أبواب بصرية من الرؤى المتعددة لتغذية فكرهم من أجل تحفيز العملية الإبداعية بما هو مبتكر في الفكرة والأسلوب والطرح!
والحل؟ مشابه للحل المطلوب من أجل رفع مستوى الأداء في قطاع الأعمال بشكل عام! فإذا كانت وزارة العمل تسعى إلى تفعيل التدريب بعد التخرج لطالبي العمل من أجل القيام بالوظائف المختلفة على أكمل وجه، وحيث نملك الطاقات الإبداعية غير المصقولة، فيجب على المؤسسات المهتمة تفعيل الاحتكاك لطالبي العرض من الفنانين والفنانات. فالاحتكاك لصاحب الموهبة الذي تسلح بالدراسة هو بمثابة التدريب الذي يجب أن يسبق العمل (أو العرض في حال الفنون).
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7816» ثم أرسلها إلى الكود 82244
- الرياض
msenan@yahoo.com