المتتبع لأحوال الندوات، والأمسيات الشعرية، والقصصية التي تقام في المناسبات، أو المنتديات الرسمية وغير الرسمية... يرى الكثرة الكاثرة من المتحدثين، والشعراء والقاصين، وتأخذه الدهشة عندما يرى في المقابل القلة القليلة من المستمعين والحضور إلى حدٍ يمكن أن يكون عدد المتحدثين ضعف المستمعين. وفي ذلك خلل أيما خلل ولا يمكن أن يصنف في خانة كثرة العرض وقلة الطلب إلا إذا كان قد بلغ هذا الأمر حداً من الضعف والخواء الفكري.
لدى الملقي والمتلقي: وإذا استثنيا بعض المناسبات التي تقام على شرف مسؤول يرجى نفعه أو يتقى ضره. أو أمسية شعرية من طوفان (الشعر العامي) الذي ترفع لواءه جهات رسمية في الكثير من الأحيان وتروج له وسائل الإعلام المختلفة.. إذا استثنينا ذلك فإن الأمر يبدو جديراً بالدراسة والتأمل.
وتحضرني بهذه المناسبة قصة طريفة رواها لي الدكتور عبدالسلام العجيلي -رحمه الله- حيث قال: اصطاد أحد الشبان طيراً من طيور (الببغاء) وحمله ليبيعه في المدينة.. فسأله رجل عن ثمنه قال الشاب: خمسون درهماً.
قال الرجل: هذا الثمن الكبير لهذا الطير الصغير؟
قال الشاب: ولكن هذا الطير قيمته في لسانه يغني ويتكلم بدون انقطاع من الصباح حتى المساء.
فاقتنع الرجل واشترى الطير.
وكانت عند الشاب دجاجة قديمة لا تبيض ولا تصلح للأكل فحملها في اليوم التالي إلى بيت الرجل الذي اشترى منه طير (الببغاء) وعرض الدجاجة عليه.
قال الرجل: وكم ثمنها؟
قال الشاب: مئة درهم.
فذهل الرجل وقال: ومتى كان ثمن الدجاجة مئة درهم؟
قال الشاب: وهل نسيت أنك اشتريت الطير مني بخمسين درهماً يوم أمس.. فكيف لا تشتري الدجاجة.
فضحك الرجل وقال: ولكن الطير يتكلم!
فقال الشاب: والدجاجة تسمع.. وأضاف ألا تعلم أن جميع الناس في هذه الأيام يريدون أن يتكلموا، ولا أحد يريد أن يسمع.. لذلك قل عدد المستمعين وزاد عدد المتكلمين حتى صار ثمن من يسمع ضعفي ثمن من يتكلم.
وأعتقد أن بعض المنتديات قد أخذت تدفع مكافآت وهدايا وإقامة ولائم وحفلات علَّها أن تجلب بعض الحضور.. حتى يصار إلى تبييض الوجه وهذا من علامات آخر الوقت كما يقول الرواة..
- الرياض
k_alkhonin@Hotmail.com