ها أنت تبحث عما يشدك إلى الحياة، تطرح أهدافك، وتحمل آمالك باحثاً عن طرق شتى لتحققها. إذاً أنت إنسان ذو معنى، وجودك ذو معنى. إن لم تكن كذلك، فأنت حجر.

كل معنى لوجودك معنىً أنت خالقه. كل معنى يجعلك كائناً تعيش (من أجل) تضعك هذه ال (من أجل) في قلب الغايات. عند هذا الحد من وجودك لا دخل لنا في طبيعة غاياتك ولا في تقويمها. المهم أن يكون لديك معنى واضح أمام ذاتك، ويكون الطريق الذي تسلكه معروف من قبلك.

الآن: انظر إليه: ها هو يريق ماء وجهه... يكذب لأنه يرى في الصدق ضرراً.

يتخلى عن بقايا قيم كانت تحدد سلوكه، وعن معنى للشرف عاش يحافظ عليه. إنه يفعل كل ذلك من أجل مكان ما في سلطة.

ها هو قد أصبح وجوداً ذا معنى وضيع.

تأمل: إنه زاهد بالأشياء وبالثروة وبالسلطة والجاه.

زاهد بها وهو قادر على الحصول عليها. لأن الزهد زهد عن مقدرة. يأنف أن يقدم أي تنازل ولو تحية غير نابعة بصدق من ذاته. ساعٍ لهدف عظيم هو. ها قد أصبح وجوداً ذا معنى عظيم سامٍ.

فكر بذلك الكائن: إنه لا مبالٍ بشيء، ينظر شذراً إلى العوالم كلها بعد أن خبرها - الطبيعة والمعرفة والإنسان. ساخر من هذا الوجود. ناظر إليه بوصفه كوميديا، غير مكترث بحياته لأن لا شيء يشده إلى الحياة، العالم مسخرة.

إنه وجودٌ عدمي.

ها نحن أمام ثلاثة أشكال من معاني الوجود الإنساني: معنى وضيع، ومعنى سامٍ ولا معنى لأن اللا معنى معنى.

قد نجد هذه المعاني ظاهرة واضحة نظيفة لدى هذا الكائن الإنساني أو ذاك. وقد نجدها متداخلة في حياته. قد ينتقل الإنسان في شروط ما من معنى إلى آخر.

حين يكون وجودك الذاتي آمالاً ضيقة وأنانية صرفة. فإن أنا أناك محال - منهزم أمام الحياة المبتذلة وإغرائها.

وحين يكون وجودك الذاتي آمالاً عظيمة تنتصر على الوجود المبتذل ويصبح وجودك قدوى.

أما حين يكون وجودك بلا ملامحٍ ولا آمال لديك أصلاً يصير وجودك وحيداً منتظراً العدم.

وخير للإنسان أن يكون وجوده بلا معنى ولا أمل من أن يسجن ذاته في معنى ضيق وأملٍ وضيع.

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7307» ثم أرسلها إلى الكود 82244