في ذلك المكان المظلم كنت أقف وحيدا.. كنت أتذوق الخوف تارة وأتجرع الألم تارة أخرى، بينما كانت رائحة الموت تغطي جميع زوايا هذا المكان الكئيب.
كنت أصرخ بصوت عالٍ على أمل أن تصطدم صرخاتي بجسم بشري فيسارع نحوي.
كنت أتمنى أن أرى كائنا حياً واحداً يشاركني وحدتي.. لم يكن يهمني في وقتها أكان ذلك الكائن الحي إنساناً أم حيواناً أم حتى حشرة صغيرة, المهم هو أن أرى جسما يشعرني بأنني لا أزال على كوكب الأرض, وأن هناك من يشاركني في هذه الحياة التي أصبحت بالنسبة لي قبراً أتنفسه وتصدم نظراتي بجدرانه المعتمة.
بقيت وحدي أصارع خوفي وضعفي وحزني..
ليس هناك أحد حولي!
كل شيء اختفى وبقيت وحدي!!
اختفت جميع الألوان من حولي ولم يبق سوى اللون الأسود والذي أحاط بي من كل صوب.
حينها تذكرت حال تلك السيدة المطلقة والتي تركها زوجها تصارع الحياة وحدها بعد أن رأى أنها لا تناسبه فقرر البحث عمن تشعره برومانسيته, وتبعث فيه حياة جديدة يشعر معها وكأنه قد ولد من جديد حتى وجدت تلك السيدة المسكينة نفسها وحيدة في مجتمع كتب لها الموت رغم أن قلبها لا يزال ينبض بالحياة!!
ثم حضرت إلى مخيلتي صورة ذلك الطفل الذي كان يجلس على كرسي متحرك وهو يراقب مجموعة من الأطفال كانوا يلهون بالقرب منه, وقد بدا وكأنه وحيد بينهم يعيش العزلة بكامل تفاصيلها.
وحينها قررت أن ألتزم الصمت وأن أبقى كما شاء لي الله أن أبقى إلى أن يأتي من يساعدني للخلاص مما أنا فيه.