من يتابع الواقع التشكيلي السعودي، يلاحظ أن الكثير من التشكيليين الشباب من الجنسين يسارعون نحو كل بوابة، ينطلقون منها إلى تعلم سبل التعبير الفني (الرسم) أو كسب الفرص العالمية والمشاركة خارج الوطن، مهما كنت خطورة هذا التوجه ودون أي مراعاة للكيفية كما هو المبدأ (الغاية تبرر الوسيلة).
وقد وجد بعض المستغلين لهذا الاندفاع فرصة لاحتواء هؤلاء وإيهامهم بتقديم العون والدعم لهم من خلال مؤسسات أخذ لها تراخيص من جهات ليس لها علاقة بالثقافة، ومنها وزارة التجارة، باعتبارها مؤسسات تجارية تعنى بتسويق واستيراد اللوحات، وتصنيع (الإطارات) براويز اللوحات، أو تصاريح فتح محلات من قبل البلديات لهذه المهن، تتحول بعدها تلك المحلات إلى صالات عرض للفنون التشكيلية، إضافة إلى أن ما يتم من قيام أصحاب بعض المؤسسات بأخذ ترخيصها من دول غربية، ليتمكن أصحابها من التحرك بحرية دون رقيب أو مساءلة، وصفت بمؤسسات الفن الخيري الذي يأخذ بأيدي المواهب المحلية نحو فضاء أرحب وأكثر حرية.
نسمع لتلك المؤسسات أو الجماعات ونشاهد لها أنشطة مدفوعة الثمن، البعض منها معلن عبر المواقع الإلكترونية، والكثير منها يجري بالاتصالات الشخصية بين المنظم لدورة من تلك الدورات وبين من لديه لهم هواتف تتكاثر بعد كل دورة، تقام تلك الدورات غير المرخصة في أماكن غير رسمية، ومن أبرزها الاستراحات لفئة الرجال، وأخرى في أماكن مماثلة للدورات التي تقيمها سيدات، تنتهي بمخرجات ومستويات أقرب للهزيلة منها للداعمة للساحة تتم خلال يوم أو يومين لا تمنح المتدرب أيا من أبجديات تعلم تقنيات الرسم والتلوين التي تحتاج إلى فترات طويلة يقوم عليها تشكيليون وتشكيليات، كشفت أعمالهم التي يشاركون بها في بعض المعارض المستوى المتردي الذي تظهر به، فكيف لأصحابها أو صاحباتها القدرة على التدريب وتصويب أخطاء العمل الفني المعتمد تماما على التعامل المباشر مع المتدرب عند التوجيه.
أما الجانب الأخطر في تلك الحالات، فيبرز فيما يقدم للهواة من الجنسين الذين تحتويهم مؤسسات أو أفراد يرون في حرية التعبير المطلقة، حتى لو خالفت القيم أو المبادئ نوعا من الشجاعة وحرية الرأي عبر وسيلة تعبيرهم، بما يوجهون إليه عبرالخامات والوسائط نوعا من الترفية وبأقل وعي، بما يمكن أن ينتج منهم من أعمال تدار بعقول تحمل توجها أبعد من قدرة العقول الصغيرة على فهمه، في ظاهره شكلا من أشكال الفنون وباطنه لا يخلو من هدف وفكر سياسي أو رأي ضد الدين والمجتمع.
هذه التجاوزات والاختراقات لحقوق المواهب التي تستغل في دفع رسوم دورات فاشلة، تحتاج إلى أن يعاد النظر في كيفية احتوائهم ودعمهم رسميا بتنظيم وإتاحة الفرص محليا ودوليا وإعداد الورش لتدريبهم على أيدي مختصين أصحاب تجارب وخبرات في مجال تدريس الفنون.