الأمانة والثقة صفتان لا تنفصلان عن بعضهم البعض، والحديث عن الأمانة يطول ولا يحتاج العاقل منا لتذكيره بأهميتها ولكننا نورد قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) سورة الأحزاب. أعظم ما جاء في الأمانة، لنعود للثقة التي تلي تلك الصفة، فإن منح الأمانة أو تحميلها لأي منا تعتمد على ثقة من يحملنا إياها، وليس هناك أعظم ولا أعز من نتلقاها من الوطن ممثلة في قيادته بالحفاظ والالتزام بديننا وثوابته التي تعود للمجتمع بالخير والأمن والأمان.
ومن المؤسف ان نرى او نسمع ما يندى له الجبين من تجاهل وتساهل من بعض التشكيليين الذين جذبتهم أضواء وإغراءات الفكر الفني العالمي المنحرف فاندفعوا خلفه كالحمار المخدوع بالجزرة تبعتهم بعض صالات عرض للفنون التشكيلية أعطيت لهم الثقة ومنحت لهم التسهيلات فتحولت إلى مخالب وأنياب تحاول نهش ذائقة أبناء الوطن، فالفنانون المنحرفون والشاذون فكراً وقدرات جعلوا من أدوات فنهم سبيلا لترويج فن خارج عن القيم وعن المبادئ وعن أخلاقيات الفن ورسالته الأرقى والأسمى.
توقع هؤلاء بهذا التصرف الذي تجاوزوا وتجاهلوا بتقديمه في معارضهم كل القوانين والأنظمة المتبعة في إجازة مثل هذه المعارض باتفاق مع مديري الصالات التي يعرضون بها تقيؤهم وزعاف سمومهم.، ويدعون لها من يتفق معهم في مثل هذا التوجه، أو يصفق لهم ليتمادوا في جهلهم وغيهم.
ولا شك ان من يعنيه الفن التشكيلي السعودي الذي يشكل رافداً هاماً من روافد ثقافة الوطن لا يرضى باستكانة الفنانين والدوران في محيطهم وتكرار واجترار تجارب وخبرات انتهى عصرها بعد أن ساهمت بما يتوافق مع مراحلها، بقدر ما تسعى تلك الجهات وتقبل وتشجع الجديد المساير والموازي للحداثة والمعاصرة لكن دون مساس أو خدش للحياء أو خروج عن الهوية بكل تفاصيلها التي يعرفها ويقدرها ويعتز بها كل التشكيليين في هذا الوطن باستثناء من شذ عن قاعدته وأدار ظهره لوطنه ولحدوده الدينية..
إنها الثقة التي عرضت بها الأمانة لكل ممارس للفن التشكيلي من الفنانين أو مساهم بإدارته وخدمته وتسويقه من أصحاب الصالات، فحق عليهم الالتزام بها والحفاظ عليها، وهذا الأمر لا يمكن تعميمه فالغالبية إن لم نقل الكل يعي هذه الثقة، إلا من حالات أو تصرفات لا تمثل البقية لكنها تشكل نقطة سوداء في قماش الفن التشكيلي الناصع البياض، علينا إزالتها بكل السبل من أي عمل يقدمه مثل هذه الفئة المنحرفة عن حقيقة الفن الراقي وعن رسالته، وكذلك من أي صالة او معرض يقوم عليه من يسعى لغرس سمومه مع ثقتنا أن ما يشكله ديننا الحنيف من درع صامد يحمي الوطن وأهله ستتكسر عليه كل تلك السهام مهما كانت قوتها أو قوة من يدعمها.
monif.art@msn.comفنان تشكيلي