لا شيء يعطل طاقات الإنسان ويدني همته ويضعف قدراته ويكبت مواهبه، كاعتقاده أن الطبع والعادة لا يمكن تغييرها، وكم هي الأمثال والأشعار التي تؤكد مثل هذه الاعتقادات وتقف حجر عثر أمام طموحاتنا وقدراتنا؛ كقول بعضهم (غير جبل ولا تغير طبع)، وقولهم (اقطع عضو ولا تقطع عادة)، ونحو ذلك من الأقوال المثّبطة!
وتتأكد مثل تلك الأمثال وترسخ، حينما يسيء بعضنا فهم بعضها الآخر، كقولهم (مد رجليك على قدر لحافك)، أو ما ورد في الأثر (رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه)، أو قولهم (الجود من الموجود) أو قول بعضهم الآخر (كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه) أو قولهم (أنت تنفخ في قربة مشقوقة)، أو قولهم (اتسع الخرق على الراقع).
ونحو ذلك من الأمثال والأقوال التي يحفظها بعضنا ويرددها: إما على أنه لا أمل في الإصلاح والتغيير، وإما ليسوغ ما هو فيه من سوء خلق أو فتور أو خمول أو دنو همه أو تقصير وخذلان لنصرة دين الله، وأن صفاته تلك إنما هي طبائع جُبل عليها، لا يمكن تغييرها أو تعديلها، فهو يعتقد أن (من شبّ على شيء شاب عليه)، فيستسلم لهذه النتيجة التي توصل إليها من تلك المقدمات الخاطئة.
فيسوّغ الإنسان لنفسه استمرار الحال التي هو عليها، بينما هي حيل نفسية، وأعذار واهية بليدة، لاستمرار سوء أخلاق بعض الأشخاص وفتورهم وكسلهم وخمول قدراتهم وتقصيرهم في تبليغ دينهم.
ومما يعتذر به بعضهم الطباع والأخلاق لا تتغير ولو أن الأخلاق والطباع والعادات والهمم والقدرات لا تتغير ولا تتبدل؛ لبطلت تعاليم القرآن والسنة والمواعظ والآداب والوصايا التي تحث على اكتساب الصفات الحميدة وتنّفر من العادات الذميمة!! ولما كان مثلاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (مسند الإمام أحمد 2-381). أي معنىً أو قيمة!
وحينما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يُعطه، ومن يتوقّ الشر يُوقَه) (سلسلة الأحاديث الصحيحة، الألباني 1-605)، فإنما ذلك حثٌ منه صلى الله عليه وسلم لتعلم العلم واكتساب العادات الحسنة، وتهذيب الطبائع السيئة.
عبدالعزيز بن عبدالله الحسيني