إن صلاة الجماعة في مقصدها وطريقة أدائها شكل من أشكال العمل الجماعي المنظم الذي تقوم عليه المنظمات الإدارية الحديثة، والمسلمون يؤدونها بتنظيم راق وتناغم أخَّاذ، ويبلغ الإعجاب أشده وأنت ترى مئات الآلاف من البشر - مع اختلاف لغاتهم وأعمارهم ومهنهم - ينخرطون في هدوء ووقار لأداء الصلاة جماعة في الحرمين الشريفين بلا مرشد أو موجه.
من هذه الفوائد، وهي كثيرة:
1- أن وجود قبلة واحدة يتجه إليها المصلون إشارة إلى أهمية أن يكون للمنظمة الإدارية وجهة محددة يتجه نحوها كل موظفي المنظمة وتصبُّ فيها مواردها المالية وإمكاناتها، وجهة فيها من الثبات والوضوح ما يوحِّد الجهود ويسهل العمل.
2- في تحديد آلية اجتماع الناس للصلاة بالصفوف المتوازية لفتة إلى حاجة المنظمات الإدارية إلى وجود تنظيم إداري داخلي يحدد مواضع الأفراد وينظم العلاقات فيما بينهم ليسهل بعد ذلك معرفة حدود الصلاحيات ونطاق المسؤوليات.
3- أن في فضل صلاة الجماعة وعدم تحصيله إلا بالاجتماع في وقت ومكان واحد همسةً إلى أهمية وجود العاملين في منظماتهم في أوقات محددة، وأن الغياب أو التأخر يؤثر في أداء الأفراد والمنظمة كما يؤثر التخلف أو التأخر عن صلاة الجماعة في مقدار الأجر.
4- أن في اجتماع الناس للصلاة في المساجد تلبية لبعض حاجاتهم الاجتماعية؛ فإن المنظمات الإدارية ينبغي ألا تُغْفِل تهيئة مناخ اجتماعي تهدِّئ فيه نفسية الموظف وتكسر بعضاً من (روتين) العمل.
5- أن سنة الجمع بين الصلوات لظروف بيئية كالمطر ونحوه همسة لطيفة لضرورة أن تراعي القيادة في المنظمات الإدارية التغيرات التي تحدث في بيئتها الخارجية، وتترجم هذه المراعاة استمراراً في التقييم ومرونةً في التغيير والتطوير، مع المحافظة في الوقت ذاته على وجهة المنظمة وهويتها.