الصحافة في بلادنا وفي العالم كالحقول الخضراء يُفترض فيها أن تكون خطوطاً من سنابل محشوةً بكل ما يقرب إلى الحب، وأعمدةً من أشجار باسقة لا تحمل غير النقاء والصفاء، وماءً نظيفاً غير آسن يمنح جواً لطيفاً وممتعاً ومريحاً لمن يعمل في هذا النوع من البساتين.
* * *
هكذا يأخذنا الخيال والأمل والتمني والتطلع نحو ما هو أفضل بانتظار أنْ تُورقَ أشجارُ الصحافة بمزيد من الحب والفهم المشترك، بما يقوي الآن وفي المستقبل من خصوبة عطاءاتها، لا لشيء إلا لكي تبقى أشجارها مثمرةً وقادرةً على أن تمنحنا شيئاً من الهدوء وراحة البال.
* * *
وأجمل ما في هذه الحقول الخضراء، حين نفتح عيوننا، حيث سنبصر فيها ما كنا نتمناه ونرغب فيه ونسعى إلى تحقيقه بعيداً عن ضجيج الحياة ومنغصاتها، وبخاصة حين نحسن توجيه أنظارنا إلى مكنوزها من الجمال، حيث المعايشة مع هذا العالم الرحب والاكتفاء ببعض مزاياه ليتقاسم الآخرون البقية الباقية.
* * *
هذه صورة أو بعض صورة من قناعات أحسبها غير ملزمة لأي أحد، أو مطابقة لوجهة نظر بعض مَنْ يتعمق في مدلولاتها، لكنها بالنسبة لي تمثل خلاصة عملي الطويل في هذا المجال، دون أنْ أُلزِمَ بها أحداً، أو أدَّعي باستحقاقها لقناعة الآخرين.
* * *
لا أريد أن أدخل في التفاصيل، وأن أكتب عن الصحافة التي أتمناها وأحبها لبلادي بأكثر مما قلته عن حقول خضراء كأني أراها وأشاهدها بأشجارها ومائها وخصوبة تربتها، بما لا يماثلها غير الصحافة بأعمدتها وأخبارها وتعليقاتها وصورها وتحقيقاتها ومواقفها المبدئية القادرة على إغناء كل صفحة فيها بما يرضي ويسعد قراءها، ومن غير أن يغضب هذا أو ذاك دون وجه حق.
* * *
فالحياة مبادئ ومواقف، والالتزام بها من الناس ينبغي ألا يتغير أو يتبدل إلا بما هو أفضل وأقرب إلى الواقع في التعامل والعمل، والقبول بما يأتي وبما هو مُنتظر، طالما أننا تعلمنا من دروب الحياة، واستفدنا من تجاربنا فيها، وأقمنا علاقة توطين دائمة مع كل مستجد جميل فيها، بما لا يُغضِبُ أحداً عن غير حقٍ، حتى نتذوق معاً وجميعاً طعمها ونستلذ بمعطياتها، ونشعر في النهاية بأن الصحافة هي دربنا وطريقنا، وليس قدرنا فقط نحو كل ما نتمناه للصحافة ولنا وللآخرين.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «2» ثم أرسلها إلى الكود 82244