* حوار - ماجدة السويِّح
في رحلتها إلى لندن كان الحلم يسابقها إلى التخصص في علم عشقته منذ الصغر (الرياضيات والإحصاء)، فأكملت مشوارها وحصلت على الدبلوم العالي في (الاقتصاد القياسي)، وحينما أرادت الحصول على شهادة الماجستير توجهت لدراسة الطاقة في جامعة سري في مدينة جلفرد البريطانية.
(اقتصاديات الطاقة) تخصص اختارها هذا ما أكدته الأستاذة نادية شيخ خلال حديثها، حيث اقترح عليها مشرفها الأكاديمي آنذاك الالتحاق بهذا القسم كونها سعودية، فأكملت المشوار بنجاح، عادت إلى السعودية، لتلتحق بالعمل الإعلامي، وتحصل على أول ترخيص للعمل في مجال العلاقات العامة كأول امرأة سعودية. شاركت في العديد من المؤتمرات والملتقيات المحلية والدولية، ورسمت من خلالها صورة إيجابية للمرأة السعودية. مجلة الجزيرة رصدت مشوار الإعلامية القديرة نادية شيخ ورحلة الكفاح والنجاح، وأهم المحطات في حياتها، والتحديات التي اعترضت مشوارها.
البدايات والإعلام
* باعتبارك أول امرأة سعودية تحصل على ترخيص للعمل في مجال العلاقات العامة، حدثينا عن بداياتك في افتتاح مكتب للعلاقات العامة؟
- بدايتي جاءت عندما كنت أعمل في دار الحياة كمحررة مواد اقتصادية، ثم تمت ترقيتي وأصبحت مسؤولة تحرير مجلة (لها) في السعودية، لأمثل بذلك رئيس التحرير في أهم سوق للمجلة.
حينها أصبح همي الأكبر هو الترويج للمجلة ونشرها في السوق بشكل جيد، وبدأت أتعامل مع عدد من شركات العلاقات العامة والشركات الاستهلاكية التي تهتم بالمرأة على نحو خاص والأسرة بشكل عام، ومن هنا بدأت أتعرف على أمور جديدة جذبتني إلى الاهتمام بمجال العلاقات العامة.
بعدها عُرضت عليّ وظيفة مرموقة بمسمى (مستشار إعلامي) في شركة دولية للعلاقات العامة (هيل آند نولتن) وبالفعل عملت معهم في مكاتبهم في السعودية على مدى عام كامل. قمت خلالها بالتعاقد مع إحدى شركات العلاقات العامة البريطانية (إنتلكت ميديا)، وقدمت لإصدار التراخيص اللازمة من وزارتي الإعلام والتجارة، الأمر الذي أوصلني لفتح المكتب.
* تخصصت في اقتصاديات الطاقة، فلماذا اخترت مجال الطاقة؟
- لم أختر مجال اقتصاديات الطاقة بل هو الذي اختارني، إذ إن التخصص الذي اخترته عندما ذهبت إلى العاصمة البريطانية لندن لإكمال دراستي كان الاقتصاد القياسي الذي يعتمد على الإحصاء والرياضيات كوني أعشق علم الأرقام، وبالفعل أكملت الدبلوم العالي في التخصص من جامعة لندن.
إلا أنني حينئذ رغبت في تغيير التخصص للحصول على شهادة الماجستير، وهنا اقترح علي المشرف الأكاديمي أن أتخصص في الطاقة كوني سعودية، ودلني على الجامعة التي تتيح هذا التخصص وهي جامعة سري في مدينة جلفرد البريطانية الواقعة جنوبي غرب لندن.
الممارسة بعيداً عن التخصص
* يعاني المجتمع السعودي من قلة المتخصصين في مجال الطاقة عموما، والملاحظ أنه بعد حصولك على الشهادة العلمية في مجال الطاقة مارست عملك بعيداً عن التخصص، فهل هذا يعود إلى الحنين للعمل الإعلامي الذي بدأتي به في مشوار حياتك؟
- عندما عدت من بريطانيا في نهاية العام 1992 كان أملي الالتحاق بشركة أرامكو السعودية، حيث مارست العمل كمساعدة باحث في وحدة الأبحاث الاقتصادية التابعة للسفارة السعودية في لندن لمدة عامين كاملين (1990-1992).
وبالفعل ذهبت لقسم التوظيف وقمت بتعبئة الأوراق اللازمة، إلا أن عندما استدعيت للمقابلة الشخصية تم عرض وظيفة إدارية في مستشفى أرامكو، وبالطبع رفضت ذلك، لأنه كان علي الانتقال إلى الظهران والإقامة خارج أسوار أرامكو والالتحاق بعمل لم أكن أرغب فيه من الأساس.
وفي الوقت ذاته، علمت بوجود صحيفة تحت التأسيس متخصصة في الشؤون الاقتصادية والمالية في السعودية هي الأولى من نوعها، وأن الإدارة تفتح المجال لمقدمي الطلبات من الجنسين للعمل فيها، وكانت تلك بدايتي مع الصحافة من خلال صحيفة (الاقتصادية).
المرأة السعودية والعلاقات العامة
* من خلال تجربتك، ما مدى نجاح المرأة السعودية في مجال العلاقات العامة؟
- هناك عدد من المميزات التي تتصف بها المرأة وتجعلها مناسبة للعمل في مجال العلاقات العامة من أهمها الدقة في إدارة الأمور، والصبر، والقدرة على متابعة كافة جوانب أي عمل في وقت واحد، وهذا ما ميزها به الخالق عز وجل، وهي أمور مهمة للعمل في هذا المجال على وجه الخصوص.
* المرأة السعودية والإعلام، على أي مسافة يقفان؟
- في اعتقادي أن المرأة السعودية أصبحت تتعامل مع الإعلام بشكل أفضل في الوقت الحاضر، كما أن الإعلامية السعودية أصبح لها حضور متميز.
فريق العمل والتحديات
* ما أهم التحديات التي تواجه المرأة في مجال العلاقات العامة؟
- أهم تحدٍ هو صعوبة تكوين فريق متخصص في هذا المجال، إذ إن بعد التدريب والتأهيل للفريق غالباً ما يتسرب العديد لسبب أو لآخر.
كما أن هناك الخبرة التي يجب أن تتحلى بها صاحبة هذا العمل، والتي أرى أن من أهمها معرفتها بالعمل الإعلامي، لأن التعامل مع الإعلام يكون بصفة مستمرة ودائمة، ولا بد لمن ترغب في الاستثمار في هذا المجال أن تكون على دراية جيدة بالقطاع الإعلامي وعلى صلة وثيقة بمن يعملون به.
الاستثمار في الإعلان والعلاقات العامة
* يبلغ حجم السوق الإعلاني بالمملكة نحو 2500 مليون ريال، فلماذا تنصرف الكثير من سيدات الأعمال عن الاستثمار في مجال الإعلان والعلاقات العامة والإعلام ويتجهن إلى الاستثمار في المشاغل النسائية والمستلزمات النسائية؟
- شاركت بورقة عمل حول جاذبية هذا القطاع كمجال استثماري جيد للمرأة، من خلال ملتقى الإعلاميات الثاني في الرياض شهر مايو الماضي، وطرحت فكرة مشاركة صاحبات رؤوس الأموال للإعلاميات في تكوين شراكات مميزة في مجال العلاقات العامة على وجه الخصوص، وآمل أن يتم طرح هذه الفكرة من صحيفتكم الموقرة.
السعودة واجب وطني
* أين وصل القطاع النسائي في مشوار السعودة؟ وما التحديات التي تواجهه؟
- أعتقد أن التحديات كثيرة أمام السيدات وآمل أن تعي الكثيرات بأن الاستثمار في بنات بلدهن مهما كلف الأمر هو الأفضل، لأنه خدمة للمجتمع ومساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني، الذي سيدر على الجميع الخير على المدى الطويل.
المشاركة في طهران
* ما مدى مشاركتك في الملتقيات والمؤتمرات الداخلية والخارجية، وهل ساهمت في صقل تجربتك؟
- مشاركتي في الخارج أكبر كوني أُدعى بصفة مستمرة للمشاركة بأوراق عمل خارج البلاد، وأخيراً كنت في العاصمة الإيرانية طهران (منتصف نوفمبر 2007)، للحديث في مؤتمر دولي للعلاقات العامة عن تجربتي في تكوين مكتب نسائي للعلاقات العامة في السعودية لتصحيح الفكرة المغلوطة عن السعودية التي يرى الآخرون أنها لا تسمح للمرأة بالعمل.
المساهمة في المسؤولية الاجتماعية
* كيف تسهم سيدات الأعمال والمجتمع في برامج المسؤولية الاجتماعية؟
- يمكن للمرأة ممارسة مسؤوليتها الاجتماعية من خلال عدد من الأمور، ولا يجب تحديدها في جوانب معينة، وبالنسبة لي أرى أن إصراري على استمرارية تدريب وتأهيل وتوظيف فتيات سعوديات في مجال العلاقات العامة حتى مع التسرب الذي يحدث بصفة دائمة، هو من أهم المسؤوليات التي أرغب في حملها على عاتقي حتى النهاية.
* وراء كل سيدة ناجحة رجل يساندها ويشجعها، من خلف هذا النجاح؟
- بالنسبة لي، هو والدي أطال الله في عمره والذي شجعني ووقف في مواجهة تحديات عديدة منذ رغبتي في إكمال دراستي بالخارج وحتى اختياري للعمل في مجال كنت الأولى في الدخول فيه، مروراً بالعمل في مناخ مختلط في وقت لم يكن هذا الأمر مطروحاً.
دعوة لإنشاء بنك للمعلومات
* ما الأمنيات التي تطمحين إلى تحقيقها مستقبلا؟
- أحلم بالعديد من الأمور التي أطمح لتحقيقها إن شاء الله، أولها إنشاء مركز إعلامي متكامل به جميع الخدمات والمرافق المناسبة لجميع الإعلاميين والإعلاميات في السعودية، بحيث يكون هناك ثلاثة مواقع لهذا المركز في الرياض وجدة والدمام.
كما أرغب أن أتمكن بمشاركة بعض المستثمرين المهتمين في تأسيس بنك للمعلومات يستفيد منه الباحثون والإعلاميون وجميع من لديه الرغبة في الحصول على المعلومة الدقيقة والمحدثة باستمرار، وهذا الحلم بالذات يراودني من سنوات عديدة.