هي امرأة في العقد الثالث من العمر زوجة لأحد الوافدين العرب، ذات يوم أوصلها زوجها للمستشفى لإجراء بعض الفحوص الطبية ولما انتهت من ذلك اتصلت على زوجها في عمله لكي يحضر لها في المستشفى لترجع إلى بيتها وفعلاً ذهب إليها زوجها مستأذناً من عمله على أن يرجع إليه مرة أخرى، وعند باب المنزل أنزل زوجته وأطمأن على أنها دخلت البيت فغادر إلى عمله، وعند صعودها الدرج فوجئت بشخص يهجم عليها من الخلف ويطوقها بذراعيه مشدداً القبضة عليها لينال منها ما يريد إلا أن المرأة قاومته بشدة لدرجة أنها وقعت على الدرج وهي تصرخ بأعلى صوتها، فخرج الجيران من شققهم على أثر هذا الصراخ ولما أحس المجرم بذلك تركها شبه مغشياً عليها ولاذ بالفرار حيث كانت سيارته تقف أمام باب المبنى، إلا أن شخصاً استطاع أن يلتقط رقم السيارة ولونها والموديل الخاص بها.
إثر ذلك حضر الزوج مرة أخرى من عمله وأخذ زوجته وحرر لدى الشرطة المختصة بلاغاً بالواقعة وأرشد عن رقم السيارة والموديل وبعض أوصاف الجاني التي سمعها من الجيران والمارة، وبادرت الشرطة بالتحري والبحث عن الجاني في سرعة مذهلة تعبر عن قدرة وإمكانيات هذا الجهاز الأمني والقائمين عليه، وقدم الجاني للمحاكمة وحاول الإنكار إلا أن الوقائع الثابتة والأدلة والقرائن كذبته وصدر الحكم بتعزيره بالسجن والجلد، ولكن أبدى الجاني والمجني عليها الاعتراض على الحكم فالجاني يرى أن العقوبة كبيرة لأن جريمته لم تكتمل والمجني عليها ترى أن ما أقدم عليه الجاني يعتبر جريمة متعددة تتمثل في التربص لها في منزلها الذي هو غريب عنه ثم محاولة الاعتداء عليها ثم ما أسفر عنه الهجوم عليها ووقوعها على الدرج ولولا ستر الله لكانت هذه الواقعة قاتلة.
وإذا كان لنا تعليق على هذه القضية فإننا نقول إنه لا بأس من الاهتمام بحقوق المتهم في أن ينال محاكمة عادلة، ولكن لابد كذلك وبالأحرى الاهتمام بحقوق المجني عليها إذ لا يكفي لتحقيق العدالة الجنائية ملاحقة الجاني بالعقاب ومنحه ضمانات الدفاع ورعاية حقوقه مع إهمال حق المجني عليها وهي التي وقعت عليها الجريمة بحيث يتم تدارك أثر الجريمة عليها وإزالته أو التخفيف من أضرارها عليها بما يشفي نفسها ويكون إقراراً لمعنى العدل فمتى وجد الجاني نفسه محاصراً بالعقاب الذي تفرضه وتتطلبه الشريعة وبالتعويضات التي يستحقها ضحاياه وباسترداد عاجل لما سلب من حقوقهم فإنه لن يقدم على الجريمة مرة أخرى ولن يقدم غيره في المجتمع عليها ما دام الظاهر أنها لا تحقق كسباً ما بالقدر الذي يكون لو أن الجاني تمتع بجريمته وفر دون تعويض ضحاياه.
إن مثل هذه الجرائم التي يتجرأ فيها الجاني على مخالفة الشرع والنظام وترويع الآمنين ودخول بيوت غير بيته وانتهاك الحرمات والأعراض كل هذه الظروف والملابسات وإن كانت ليست من جرائم الحدود إلا أنها تتطلب تشديد العقوبة على الجاني في التعزير لتكون أكثر زجراً له ولأمثاله حتى لا يتكرر هذا الجرم مرة ثانية وحتى يأمن كل فرد يعيش على أرض هذا الوطن على نفسه وأهله وبيته وعرضه وماله.