Culture Magazine Thursday  03/05/2012 G Issue 372
ترجمات
الخميس 12 ,جمادى الآخر 1433   العدد  372
 
خاص بالمبدعين والمبدعات
عائق الكتابة: نصائح مقترحة لفك وكسر عائق الكتابة 2-2
د. حمد العيسى

 

كما أسلفنا في الجزء الأول، معظم الكتّاب يعانون من «عائق الكتابة» في مرحلة ما من حياتهم. وكما شرحنا فالأسباب المحتملة لعائق الكتابة عديدة ومنها: الخوف، والقلق، تغيّر في مسار الحياة، ونهاية مشروع، بداية مشروع. تقريباً كل شيء يؤثر على طبيعة وظروف الكاتب يمكن أن يسبب هذا الشعور المنهك من الخوف والإحباط. ولحسن الحظ، هناك العديد من الطرق للتعامل مع عائق الكتابة بمثل ما هناك من أسباب له. النصائح التالية ليست سوى اقتراحات، ولكن محاولة شيء جديد هو الخطوة الأولى نحو العودة للكتابة مرة أخرى.

تسع نصائح

ويقترح موقع «أباوت دوت كوم» About.com تسع نصائح لكسر وفك «عائق الكتابة» كالتالي:

(1) ضع ونفّذ جدولاً للكتابة: حدّد وقتاً للكتابة ومن ثم تجاهل «عائق الكتابة». التزم بالجدول واجلس للكتابة حتى لو لم تنتج على الفور. عندما يظهر جسمك أمام الصفحة في نفس الوقت والمكان كل يوم، فإنّ عقلك وإلهامك في نهاية المطاف سوف يظهران. تذكّر أنّ الروائي العظيم غراهام غرين اشتهر بكتابة 500 كلمة، فقط 500 كلمة كل صباح. خمسمائة كلمة ليست سوى صفحة تقريباً، ولكن مع مجرّد هذه الكلمات الخمسمائة في اليوم الواحد، كتب ونشر غرين أكثر من 30 كتاباً جعلته من أعظم الروائيين في القرن العشرين.

(2) لا تكن قاسياً جداً على نفسك: في الواقع وكقاعدة عامة للصحة النفسية، لا تكن قاسياً على نفسك مطلقاً في الكتابة وفي غيرها حتى بدون المعاناة من «عائق الكتابة». تقول الكاتبة آنا كويندلين: «الناس يعانون من عائق الكتابة ليس لأنهم لا يستطيعون الكتابة، ولكن لأنهم يئسوا من القدرة على الكتابة ببلاغة عالية». وتضيف كويندلين: «عندما تهم بالكتابة أطفأ الناقد الموجود في عقلك، واكتب على سجيّتك. هناك وقت ومكان للنقد اسمه: التنقيح والتحرير».

(3) فكّر في الكتابة كوظيفة عادية أكثر من كونها فناً: الروائي الأمريكي غزير الإنتاج ستيفن كينغ، يستخدم مجاز «صندوق العدة» للحديث عن الكتابة في كتابه «عن الكتابة»، حيث يربطها عمداً بالعمل البدني اليدوي: «إذا فكرنا بأنفسنا كعمال، أو كحرفيين، فسيكون من السهل الجلوس والكتابة. عملنا هو مجرّد وضع الكلمات على الصفحة، واحدة بجانب أخرى، كما يضع ويصف البنّاء الطوب. وفي حقيقة الأمر، نحن نبتكر الأشياء: قصص، شعر، أو مسرحيات، أي نستخدم الكلمات وقواعد اللغة بدلاً من الطوب والإسمنت».

(4) خذ إجازة إذا كنت قد انتهيت للتو من مشروع: «عائق الكتابة» قد يكون علامة على أنّ أفكارك تحتاج إلى وقت لتتجدّد وتنضج وتتبلور. يمكن أن يكون الكسل جزءاً أساسياً من العملية الإبداعية. أعط لنفسك الوقت لجمع خبرات وأفكار جديدة من القراءة، والحياة أو غيرهما من أشكال الفن قبل أن تبدأ مرة أخرى.

(5) استعن بزميل لمراقبة المواعيد النهائية: كثير من الكتّاب، لأسباب مفهومة، يجدون صعوبة في الالتزام بالمواعيد النهائية من تلقاء أنفسهم. ابحث عن كاتب زميل واتفق معه على مراقبة بعضكما البعض ومتابعة المواعيد النهائية بطريقة مشجعة ولكن بدون إحراج وتعنيف. العلم بأنّ شخصاً آخر يتوقع نتائجك يساعد كثيراً من الكتّاب على إنتاج موادهم في الوقت المطلوب. جماعات الكتابة تعتبر وسيلة جيدة أخرى لتنشيط وتفعيل روتين للكتابة.

(6) تأمّل القضايا ذات الجذور العميقة التي تعتقد أنها سبب عائق للكتابة: اكتب بطريقة كاجوال عن ما يقلقك فيما يتعلق بالكتابة أو الإبداع. تحدّث مع صديق ويفضّل أن يكون كاتباً مثلك. قد يساعد دراسة حياة كتّاب مشهورين على توفير نظرة ثاقبة لسبب عائقك. إذا استمر العائق، يمكنك طلب المشورة، فهناك العديد من المعالجين المتخصصين في مساعدة الفنانين والكتّاب على التواصل مع إبداعاتهم.

(7) اعمل على أكثر من مشروع في نفس الوقت: بعض الكتّاب يجد من المفيد تبديل العمل بين مشروعين أو أكثر. ويبدو أنّ هذا الأسلوب يساعد على فك «عائق الكتابة» سواء لكونه يقلل الخوف أو الملل، أو على كليهما، ولكنه يعمل بنجاح مع كثير من الناس.

(8) أعد النظر في بيئة الكتابة الخاصة بك: هل مكتبك وكرسيك مريح؟ وهل المكان مضاء جيداً؟ هل جرّبت الكتابة في مقهى تحبه لكسر الرتابة والروتين الممل ما قد يؤدي لفك «عائق الكتابة»؟ باختصار فكِّر كيف تخلق أو توجد بيئة كتابة تجعلك تتوق للكتابة.

(9) تذكّر لماذا بدأت الكتابة في المقام الأول: تأمّل ما كنت تكتب، ولماذا تكتب. هل تكتب ما تحبه، أو ما تعتقد أنك يجب أن تكتبه؟ الكتابة التي تشعرك بأنها غالباً مثل اللعب سوف تبهجك أكثر في نهاية المطاف، وهذه هي الكتابة التي سيتواصل القرّاء معها فطرياً. وفي نهاية المطاف، من الصعب فعل الكتابة من أجل أي هدف آخر غير الحب. إذا كنت لا تزال تشعر بالفرحة التي شعرت بها عندما بدأت في الكتابة لأول مرة، فسوف تساعدك الفرحة، ليس فقط في كسر العائق الحالي الخاص بك، ولكن لكل ما يحمله المستقبل.

أربع طرق

ويقترح موقع وورد كلاي Wordclay أربع طرق لكسر وفك «عائق الكتابة» حيث يشير إلى: أنّ خلاصة القول هي أنّ هناك نوعين من الكتّاب: أولئك الذين يؤمنون بوجود عائق الكتابة وأولئك الذين لا يؤمنون بذلك. وكلاهما لا ينكر السحر والطاقة التي تمتلك مؤلفاً عندما يطل الإلهام برأسه الغامض، ولكن أسلوبهما في الكتابة يختلف في كيفية إنفاق الوقت بين تلك اللحظات من الإلهام. تصوّر ورقة فارغة. ماذا ترى؟ لوحة زيتية في انتظار أن تملأها كلماتك وصوتك؟ أو فراغ مخيف يجعلك تشعر باليأس من رعب السطر الأول؟ عندما تشعر بالرّهبة بسبب المؤشر الذي لا يتوقف عن الغمز على شاشة الكمبيوتر، فإنّ أحد أكبر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها كاتب هي أن يستسلم للشك في قدرته.

وهنا أربع نصائح عملية من شأنها أن تخرجك من أسر عائق الكتابة وتساعدك على العودة إلى الكتاب الذي تتوق لكتابته.

1) اكتب: تذكّر أن لا شيء يمكن أن يكون مثالياً وبدون أخطاء من الجولة الأولى، وإذا تركت ورقة بيضاء تخيفك، فأنت هالك منذ البداية. الكتاب لا يكتب نفسه بنفسه على أية حال. اخرج للمشي ونظف عقلك من هموم الدنيا. استمع لبعض الموسيقى واشرب بعض القهوة. طقطق مفاصل أصابع يديك. اجلس أمام جهاز الكمبيوتر واكتب بعض الأفكار وارسم بعض الصور وكل ما يتبادر إلى عقلك. استعن بكتابة حوار سمعته بين صديقين، أو شيء سمعته في السوبر ماركت، وقبل أن تحس بما يجري، سيكون لديك شاشة مليئة بالمحتويات. ربما تكون اللغة واللهجة والنبرة ليست أفضل ما لديك، وربما التدفّق كله غير صحيح، وربما هناك مقطع أو اثنين قفزا إلى مكان مختلف تماماً، ولكن لديك الآن شيء حقيقي، شيء تعمل عليه وتقولبه كما تريد. حتى لو كان قيمة ساعة كاملة من العمل مجرّد جملتين أو ثلاث جمل، فإنّ لديك الآن مساراً محدداً. على الأقل أنت تعرف الآن ماذا يجب تجنّبه عندما تكتب في المرة القادمة.

2) اكتب خطوطاً عريضة للمشروع: فكّر في بداية ووسط ونهاية المشروع. من أين ستبدأ، وأين ستتوجّه وأين تريد أن ينتهي؟ دَوّن الأفكار العامة والتفاصيل التي تخطط لذكرها. اعثر على إيقاع وتسلسل للمشروع بأكمله. أعد تأسيس سلطتك، وأدرك أنك تتمكن من التحدّث بثقة عن الموضوع الذي اخترته. بمجرّد وضع تأثيرك وقبضتك على الموضوع الخاص بك، سوف تمضي قدماً بمزيد من الوضوح وضغوط أقل.

3) الممارسة تصنع الكمال: الإلهام يأتي متدفقاً في العادة كدفعة مفاجئة، ولكنه لحسن الحظ، مثل النوم، يمكنك تنظيم دورته الخاصة بك. خصص ساعة أو ساعتين مكرسة يومياً للكتابة. لنقل إنك تفضّل الكتابة في الصباح. استيقظ قبل الوقت المحدد بساعة مثلاً، اشرب بعض القهوة الطازجة، واسحب كرسياً إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بك. قبل نهاية هذا الأسبوع، سيكون لديك جدول زمني للكتابة متأصل في روتينك اليومي، وسوف تكتشف أنّ مناجمك الإبداعية تظهر في ذلك الوقت الذي أنشأته.

4) فكّر بمن يستمع لك؟ لا تنس أنك تكتب لجمهور يتابع كتابتك لقوّتها ومعرفتها حول موضوع معيّن. وجمهورك - مثلك - يريد القصة الكاملة. يريدون الحقائق والوقائع والمشاهد تسلم لهم دون تردد، ودون غموض، ولكن الأهم من ذلك، من دون تلكؤ. آخر شيء يريده جمهورك هو الملل. عائق الكتابة يمكن أن يكون مؤشراً جيداً على أنك ببساطة قد مللت من نوع كتاباتك، ويمكنك أن تستنتج بثقة أنّ جمهورك سيشعر بالمثل عندما يفتح كتابك القادم. عد واقرأ ما كتبته. أين تبدّدت الطاقة وتلاشت النبرة؟ ما هو الجزء الأكثر إثارة للاهتمام وما الذي جعله كذلك؟ قرّاؤك أناس أذكياء. والعيوب، فضلاً عن الفضائل التي تلاحظها في كتاباتك هي نفسها التي يراها جمهورك. بعض الكتّاب يتصوّرون شخصاً واحداً يروون لهم قصصهم لإعطاء جمهورهم وجهاً، وأذناً صاغية، وتعبيراً مشكوكاً فيه. على سبيل المثال، الكاتب الروائي الأمريكي كورت فونيجت (1922 - 2007) تصوّر نفسه يكتب لأخته عندما بدأ في كتاب. بالنسبة له، عملت أخته كمحامي الشيطان، وكانت تقطب وجهها عندما تكون الجملة ضعيفة، وتضحك عندما يعجبها مشهد ما. لا تقلق من حجم جمهورك كثر أو قلّ. خذ صفحة من كتاب فونيجت (عن الكتابة) وتخيّل صورة صديق، أو أحد أفراد العائلة، أو أي شخص تثق به، واسمح له أن يكون دليلك!

اضحك مع روبرت بنشلي

الكاتب الأمريكي الفكاهي الساخر روبرت بنشلي (1889- 1945) يصف نوع الالتزام الذي لا تتطلبه الكتابة: لقد استغرق الأمر مني 15 عاماً لكي أكتشف أنه ليس لديّ موهبة حقيقية للكتابة، ولكن عندها لم أتمكن من التوقف عن الكتابة لأنني كنت قد أصبحت مشهوراً جداً. ولكن في الحقيقة، كان روبرت بنشلي صاحب موهبة كبيرة في كتابة المقالات الهزلية الساخرة، وكذلك في النقد المسرحي. ولكن كما سارع بنشلي بالاعتراف، كان لديه موهبة أكبر في عدم الكتابة: (سر طاقتي الهائلة والفعالة في الكتابة وإنهاء عملي هو أمر بسيط. أنا استند على مبدأ نفسي معروف وقمت بتصفيته وصقله حتى أصبح الآن ناعماً للغاية بحيث يجب عليّ أن أبدأ تخشينه قريباً جداً. هذا المبدأ النفسي هو كالتالي: «يمكن لأي شخص أن يفعل أي كمية من العمل، بشرط أن يكون العمل من النوع الذي ليس من المفترض أن يقوم به في تلك اللحظة»). حقاً، لقد كان بنشلي مماطلاً من طراز رفيع في إنهاء مقالاته، واشتهر بمقالاته في مجلة نيويوركر في الثلاثينيات التي كان لا يسلمها في الموعد النهائي إلا بمشقة هائلة.

المغرب Hamad.aleisa@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة